فَهَلْ يُجْزِئُ ذَبْحُهُ عَنِ الْأُضْحِيَّةِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَهُوَ نَاقِصٌ، فَلَا يُؤْثِرُ الْكَمَالَ بَعْدَهُ، كَمَنْ أَعْتَقَ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ، ثُمَّ عَادَ بَصَرُهُ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ، لِكَمَالِهِ وَقْتَ الذَّبْحِ، وَحَكَى هَذَا قَوْلًا قَدِيمًا.
الْخَامِسَةُ: لَوْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ أُضْحِيَّةٌ، أَوْ هَدْيٌ، بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَيَّنَ مُعَيَّنَةً عَمَّا عَلَيْهِ، لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِذَبْحِهَا. وَهَلْ يَلْزَمُهُ بِالتَّعْيِينِ ذَبْحُ الْمُعَيَّنَةِ؟ نُظِرَ، إِنْ قَالَ: عَيَّنْتُ هَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي، أَوْ أُهْدِيَ هَذِهِ، أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبَحُهَا عَنِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّتِي، لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْتِزَامِهِ ابْتِدَاءً ذَبْحَ مَعِيبَةٍ، وَيَكُونُ كَإِعْتَاقِهِ الْأَعْمَى عَنِ الْكَفَّارَةِ، يُنَفَّذُ وَلَا يُجْزِئُ. فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَخْتَصُّ ذَبْحُهَا بِوَقْتِ التَّضْحِيَةِ إِنْ كَانَتْ ضَحِيَّةً؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. وَلَوْ زَالَ عَيْبُ الْمُعَيَّنَةِ الْمَعِيبَةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا، فَهَلْ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.
السَّادِسَةُ: هَذَا الَّذِي سَبَقَ، كُلُّهُ فِيمَا إِذَا تَعَيَّبَتْ لَا بِفِعْلِهِ. فَلَوْ تَعَيَّبَتِ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِفِعْلِهِ، لَزِمَهُ ذَبْحُ صَحِيحَةٍ. وَفِي انْفِكَاكِ الْمَعِيبَةِ عَنْ حُكْمِ الِالْتِزَامِ، الْخِلَافُ السَّابِقُ.
السَّابِعَةُ: لَوْ ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، أَوِ الْهَدْيَ الْمَنْذُورَ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَنْسَكِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ لَحْمَهُ حَتَّى فَسَدَ، لَزِمَهُ قِيمَةُ اللَّحْمِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ حَصَلَتْ إِرَاقَةُ الدَّمِ. وَكَذَا لَوْ غَصَبَ اللَّحْمَ غَاصِبٌ وَتَلِفَ عِنْدَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ، يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا.
الثَّامِنَةُ: لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِمَعِيبَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ عَرْجَاءَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ: يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ صَحِيحَةٌ. وَالثَّالِثُ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي لُزُومِ ذَبْحِهَا، وَالتَّصَدُّقِ بِلَحْمِهَا، وَفِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الضَّحَايَا وَفِي أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute