الْخِلَافُ فِي الْأَكْلِ قَالَ الْقَفَّالُ: لَوْ أَرَادَ الصَّائِدُ أَخْذَ الصَّيْدِ مِنْهُ فَامْتَنَعَ، وَصَارَ يُقَاتِلُ دُونَهُ، فَهُوَ كَالْأَكْلِ. وَجَوَارِحُ الطَّيْرِ إِذَا أَكَلَتْ مِنْهُ، وَقُلْنَا: يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيمِ تَرْكُهَا الْأَكْلَ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالْكَلْبِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْحِلِّ.
الثَّالِثَةُ: مَعَضُّ الْكَلْبِ مِنَ الصَّيْدِ نَجِسٌ، يَجِبُ غَسْلُهُ سَبْعًا مَعَ التَّعْفِيرِ كَغَيْرِهِ. فَإِذَا غَسَلَ، حَلَّ أَكْلُهُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: إِنْهُ طَاهِرٌ. وَقِيلَ: نَجِسٌ يُعْفَى عَنْهُ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ بِلَا غُسْلٍ. وَقِيلَ: نَجِسٌ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، بَلْ يَجِبُ تَقْوِيرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَطَرْحُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَشَرَّبُ لُعَابَهُ، فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا الْقَائِلُ، يَطْرُدُ مَا ذَكَرَهُ فِي كُلِّ لَحْمٍ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِعَضَّةِ الْكَلْبِ، بِخِلَافِ مَوْضِعٍ يَنَالُهُ لُعَابُهُ بِغَيْرِ عَضٍّ. وَقِيلَ: إِنْ أَصَابَ نَابُ الْكَلْبِ عِرْقًا نَضَّاخًا بِالدَّمِ، سَرَى حُكْمُ النَّجَاسَةِ إِلَى جَمِيعِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ وَإِنِ اتَّصَلَتْ بِالدَّمِ، فَالْعِرْقُ وِعَاءٌ حَاجِزٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ، ثُمَّ الدَّمُ إِذَا كَانَ يَفُورُ، امْتَنَعَ غَوْصُ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَالْمَاءِ الْمُتَصَعِّدِ مِنْ فَوَّارَةٍ، إِذَا وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ عَلَى أَعْلَاهُ، لَمْ يَنْجُسْ مَا تَحْتَهُ.
فَرْعٌ
ذَكَرْنَا أَنَّ النَّمِرَ وَالْفَهْدَ، كَالْكَلْبِ فِي حِلِّ مَا قَتَلَاهُ. وَهَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ: أَنَّ الْفَهْدَ يَبْعُدُ فِيهِ التَّعَلُّمُ، لِأَنْفَتِهِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ. فَإِنْ تُصُوِّرَ تَعَلُّمُهُ عَلَى نُدُورٍ، فَهُوَ كَالْكَلْبِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ، لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ مَا يُوهِمُ خِلَافَ هَذَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، فَلَا خِلَافَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute