الظَّاهِرَةِ، لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: النَّبَاتُ الَّذِي يُسْكِرُ وَلَيْسَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ، يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَا حَدَّ عَلَى آكِلِهِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الدَّوَاءِ وَإِنْ أَفْضَى إِلَى السُّكْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ. وَمَا يُسْكِرُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَا يُسْكِرُهُ بِنَفْسِهِ، إِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي دَوَاءٍ وَغَيْرِهِ حَرُمَ أَكْلُهُ. وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الدَّوَاءِ حَلَّ التَّدَاوِي بِهِ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ
فِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: لِلْمُضْطَرِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ حَلَالًا، أَكَلَ الْمُحَرَّمَاتِ: كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا. وَالْأَصَحُّ: وُجُوبُ أَكْلِهَا عَلَيْهِ، كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْهَلَاكِ بِأَكْلِ الْحَلَالِ. وَالثَّانِي: يُبَاحُ فَقَطْ.
الثَّانِيَةُ: فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ، لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُوعَ الْقَوِيَّ لَا يَكْفِي لِتَنَاوُلِ الْحَرَامِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِامْتِنَاعُ إِلَى أَنْ يُشْرِفَ عَلَى الْمَوْتِ، فَإِنَّ الْأَكْلَ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ. وَلَوِ انْتَهَى إِلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَكْلُ، فَإِنْهُ غَيْرُ مُفِيدٍ. وَلَا خِلَافَ فِي الْحِلِّ إِذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ جُوعٍ أَوْ ضَعْفٍ عَنِ الْمَشْيِ أَوِ الرُّكُوبِ، وَيَنْقَطِعُ عَنْ رُفْقَتِهِ وَيَضِيعُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَلَوْ خَافَ حُدُوثَ مَرَضٍ مُخِيفٍ جِنْسُهُ، فَهُوَ كَخَوْفِ الْمَوْتِ. وَإِنْ خَافَ طُولَ الْمَرَضِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ. وَلَوْ عِيلَ صَبْرَهُ وَجُهْدَهُ الْجُوعُ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الْمُحَرَّمُ، أَمْ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَصِلَ إِلَى أَدْنَى الرَّمَقِ؟ قَوْلَانِ:
قُلْتُ: أَظْهَرُهُمَا: الْحِلُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يُخَافُ مِنْهُ تَيَقُّنُ وُقُوعِهِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ، بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute