للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ غَائِبًا، فَيَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ طَعَامِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ. وَفِي وُجُوبِ الْأَكْلِ وَقَدْرِ الْمَأْكُولِ مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ. وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، وَالْوَلِيُّ غَائِبٌ فَكَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ فِي مَالِهِمَا كَكَامِلِ الْحَالِ فِي مَالِهِ، وَهَذِهِ إِحْدَى الصُّوَرِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا بَيْعُ مَالِ الصَّبِيِّ نَسِيئَةً.

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً، وَطَعَامَ الْغَيْرِ وَهُوَ غَائِبٌ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَيُقَالُ: أَقْوَالٌ، أَصَحُّهَا: يَجِبُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ. وَالثَّانِي: الطَّعَامُ. وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخِلَافِ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ حَاضِرًا، فَإِنْ بَذَلَهُ بِلَا عِوَضٍ، أَوْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا وَمَعَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ إِلَّا بِزِيَادَةٍ كَبِيرَةٍ، فَالْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالطَّبَرِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْذُلْهُ أَصْلًا. وَإِذَا لَمْ يَبْذُلْهُ، لَا يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ الْمُضْطَرُّ إِنْ خَافَ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ خَافَ إِهْلَاكَ الْمَالِكِ فِي الْمُقَاتَلَةِ، بَلْ يَعْدُلُ إِلَى الْمَيْتَةِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ لِضَعْفِ الْمَالِكِ وَسُهُولَةِ دَفْعِهِ، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إِذَا كَانَ غَائِبًا. وَقَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : يَشْتَرِيهِ بِالثَّمَنِ الْغَالِي، وَلَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ. ثُمَّ يَجِيءُ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، أَوْ ثَمَنُ الْمِثْلِ؟ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَبْذُلْ أَصْلًا، وَقُلْنَا: طَعَامُ الْغَيْرِ أَوْلَى مِنَ الْمَيْتَةِ، يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يُقَاتِلُهُ وَيَأْخُذُهُ قَهْرًا.

الْعَاشِرَةُ: لَوِ اضْطُرَّ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا صَيْدًا، فَلَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ، وَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ. وَإِنْ وَجَدَ صَيْدًا وَمَيْتَةً، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَكْلُ الْمِيتَةِ. وَفِي قَوْلٍ: الصَّيْدُ. وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ: يَتَخَيَّرُ. وَقِيلَ: يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ قَطْعًا. وَلَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ لَحْمَ صَيْدٍ ذُبِحَ وَمَيْتَةً، فَإِنْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لِنَفْسِهِ، فَهَذَا مُضْطَرٌّ وَجَدَ مَيْتَةً، وَطَعَامَ الْغَيْرِ، وَإِنْ ذَبَحَهُ هَذَا الْمُحْرِمُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ، فَهُوَ وَاجِدٌ طَعَامًا حَلَالًا لِنَفْسِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>