فَرْعٌ
لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ الْأَخْذُ قَهْرًا إِذَا بَذَلَ الْمَالِكُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. فَإِنْ طَلَبَ أَكْثَرَ، فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَيَأْخُذَهُ قَهْرًا وَيُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ. فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِالزِّيَادَةِ مَعَ إِمْكَانِ أَخْذِهِ قَهْرًا فَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الِالْتِزَامِ، فَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى بِلَا خِلَافٍ. وَالْخِلَافُ السَّابِقُ إِنْمَا هُوَ فِيمَنْ عَجَزَ عَنِ الْأَخْذِ قَهْرًا.
لَوْ أَطْعَمَهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبَاحَةِ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا عِوَضَ عَلَيْهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَطْعَمْتُكَ بِعِوَضٍ فَقَالَ: بَلْ مَجَّانًا، فَهَلْ يَصْدُقُ الْمَالِكُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِدَفْعِهِ، أَمِ الْمُضْطَرُّ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَوْجَرَ الْمَالِكُ الْمُضْطَرَّ قَهَرًا، أَوْ أَوْجَرَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ؟ وَجْهَانِ. أَحْسَنُهُمَا: يَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنَ الْهَلَاكِ، كَمَنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّحْرِيضِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
كَمَا يَجِبُ بَذْلُ الْمَالِ لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، يَجِبُ بَذْلُهُ لِإِبْقَاءِ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلْغَيْرِ. وَلَا يَجِبُ الْبَذْلُ لِلْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ غَيْرُ عَقُورٍ جَائِعٌ وَشَاةٌ، لَزِمَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ لِإِطْعَامِ الْكَلْبِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِهَا، لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلْأَكْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute