أَكْثَرَ وَالْتَزَمَهُ، فَفِيمَا يَلْزَمُهُ أَوْجُهٌ: أَقْيَسُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ لَازِمٍ. وَأَصَحُّهَا عِنْدَ الرُّويَانِيِّ: لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ «الْحَاوِي» : إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا تَشُقُّ عَلَى الْمُضْطَرِّ لِيَسَارِهِ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَنْبَغِي لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَحْتَالَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ؛ لِيَكُونَ الْوَاجِبُ الْقِيمَةَ قَطْعًا، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا يَلْزَمُ ثَمَنًا. لَكِنَّ الْوَجْهَ جَعَلُ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لِمَعْنَى الْإِكْرَاهِ، وَأَنَّ الْمُضْطَرَّ هَلْ هُوَ مُكْرَهٌ أَمْ لَا؟ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، فَقَالَ: الشِّرَاءُ بِالثَّمَنِ الْغَالِي لِلضَّرُورَةِ، هَلْ يَجْعَلُهُ مَكْرُوهًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الشِّرَاءُ؟ وَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا: صِحَّةُ الْبَيْعِ. قَالَ: وَكَذَا الْمُصَادَرُ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ إِذَا بَاعَ مَالَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَلِدَفْعِ الْأَذَى الَّذِي يَنَالُهُ. وَالْأَصَحُّ: صِحَّةُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا إِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ، وَمَقْصُودُ الظَّالِمِ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ، وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ لِوَجْهِ لُزُومِ الْمُسَمَّى فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ.
فَرْعٌ
مَتَى بَاعَ الْمَالِكُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَمَعَ الْمُضْطَرِّ مَالٌ، لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ، وَصَرْفُ مَا مَعَهُ إِلَى الثَّمَنِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَهُ إِزَارٌ فَقَطْ، لَزِمَهُ صَرْفُهُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَخَفِ الْهَلَاكَ بِالْبَرْدِ، وَيُصَلِّي عَارِيًا؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ قَهْرًا، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ، لَزِمَهُ الْتِزَامُهُ فِي ذِمَّتِهِ، سَوَاءً كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَمْ لَا. وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ فِي هَذَا الْحَالِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute