فِي السَّفَرِ، إِذَا قُلْنَا: الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ. وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ نَذَرَ الْقِيَامَ فِي النَّوَافِلِ، أَوِ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، أَوِ التَّثْلِيثِ فِي الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ، أَوْ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ عِنْدَ مُقْتَضَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى مَسَاقِ الْوَجْهِ، لَوْ نَذَرَ الْمَرِيضُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ وَتَكَلُّفَ الْمَشَقَّةِ، أَوْ نَذَرَ صَوْمًا، وَشَرَطَ أَنْ لَا يُفْطِرَ بِالْمَرَضِ، لَمْ يَلْزَمِ الْوَفَاءُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَاجِبِ شَرْعًا، وَالْمَرَضَ مُرَخِّصٌ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْقُرُبَاتُ الَّتِي لَمْ تُشْرَعْ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالٌ وَأَخْلَاقٌ مُسْتَحْسَنَةٌ رَغَّبَ الشَّرْعُ فِيهَا لِعِظَمِ فَائِدَتِهَا. وَقَدْ يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُنَالُ الثَّوَابُ فِيهَا، كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَزِيَارَةِ الْقَادِمِينَ، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَفِي لُزُومِهَا بِالنَّذْرِ، وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: اللُّزُومُ. وَيَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ بِالنَّذْرِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: لَوْ نَذَرَ الِاغْتِسَالَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَلْيَبْنِ هَذَا عَلَى أَنَّ تَجْدِيدَ الْغُسْلِ، هَلْ يُسْتَحَبُّ؟ قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ الْوُضُوءَ، انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِالْوُضُوءِ عَنْ حَدَثٍ، بَلْ بِالتَّجْدِيدِ.
قُلْتُ: جَزَمَ أَيْضًا بِانْعِقَادِ نَذْرِ الْوُضُوءِ، الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يَخْرُجُ عَنِ النَّذْرِ إِلَّا بِالتَّجْدِيدِ، مَعْنَاهُ: بِالتَّجْدِيدِ حَيْثُ يُشْرَعُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا، عَلَى الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، لَزِمَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَإِذَا تَوَضَّأَ لَهَا عَنْ حَدَثٍ، لَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ لَهَا ثَانِيًا، بَلْ يَكْفِي الْوُضُوءُ الْوَاحِدُ عَنْ وَاجِبَيِ الشَّرْعِ وَالنَّذْرِ. قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ التَّيَمُّمَ، لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يَهْرُبَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِمْ، انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَإِلَّا، فَلَا. وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ انْكِفَافٌ قَطُّ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَكْرُوهًا، لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي شَوَّالٍ، أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا، لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute