فَرْعٌ:
إِذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، لَزِمَهُ الصَّلَاةُ لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، تَعَيَّنَ لِلصَّلَاةِ الْمُلْتَزَمَةِ. وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى، فَطَرِيقَانِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: فِي تَعْيِينِهِ الْقَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْإِتْيَانِ. وَقَطَعَ الْمَرَاوِزَةُ بِالتَّعَيِينِ، وَالتَّعْيِينُ هُنَا أَرْجَحُ كَالِاعْتِكَافِ، وَإِنْ عَيَّنَ سَائِرَ الْمَسَاجِدِ وَالْمَوَاضِعِ، لَمْ يَتَعَيَّنْ. وَإِذَا عَيَّنَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى لِلصَّلَاةِ، وَقُلْنَا بِالتَّعْيِينِ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَهَلْ تَقُومُ الصَّلَاةُ فِي أَحَدِهِمَا مَقَامَ الصَّلَاةِ فِي الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ يَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى، دُونَ عَكْسِهِ.
وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَصَلَّى فِي غَيْرِهِ أَلْفَ صَلَاةٍ، لَمْ يَخْرُجْ عَنْ نَذْرِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ أَلْفَ صَلَاةٍ، لَا يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ شَيْخَهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي الْكَعْبَةِ، فَصَلَّى فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ، خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ.
قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي نَذْرِ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهُ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ. فَلَوْ قَالَ فِي نَذْرِهِ: أَمْشِي إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ بِلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَلْغُو قَوْلُهُ: بِلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ. وَالثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute