قُلْتُ: الْأَصَحُّ: قَوْلُ الْغَزَالِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا جَوَّزْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ، فَعَلَيْهِ فُرُوعٌ.
أَحَدُهَا: بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بَاطِلٌ. فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ كَذَا، لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ ذَلِكَ الْقَدْرِ. وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلَا بَيْعِ الْغَائِبِ. وَلَوْ حَلَبَ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَأَرَاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ رَطْلًا مِمَّا فِي الضَّرْعِ، فَوَجْهَانِ كَالْأُنْمُوذَجِ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ الْوَجْهَيْنِ، فِيمَا لَوْ قَبَضَ قَدْرًا مِنَ الضَّرْعِ وَأَحْكَمَ شَدَّهُ وَبَاعَ مَا فِيهِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَنْصَبُّ فِي الضَّرْعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ. وَفِي وَجْهٍ: يَجُوزُ بِشَرْطِ الْجَزِّ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ الذَّكَاةِ، وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَالصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ.
الثَّالِثُ: بَيْعُ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ قَبْلَ السَّلْخِ، بَاطِلٌ، سَوَاءٌ بِيعَ الْجِلْدُ وَاللَّحْمُ مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ. وُفِي الْأَكَارِعِ وَجْهٌ شَاذٌّ. وَيَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْدَ الْإِبَانَةِ نَيِّئَةً وَمَشْوِيَّةً. وَكَذَا الْمَسْمُوطُ نَيِّئًا وَمَشْوِيًّا. وَفِي النَّيِّءِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ.
الرَّابِعُ: بَيْعُ الْمِسْكِ فِي الْفَأْرَةِ، بَاطِلٌ، سَوَاءٌ بِيعَ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا، كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ، سَوَاءٌ فَتَحَ رَأْسَ الْفَأْرَةِ، أَمْ لَا. وَقَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِذَا كَانَتْ مَفْتُوحَةً، نَظَرَ، إِنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ ثَخْنُهُا، وَشَاهَدَ الْمِسْكَ فِيهَا، صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِلَّا، فَلَا. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْفَأْرَةِ مُطْلَقًا، كَالْجَوْزِ. وَلَوْ رَأَى الْمِسْكَ خَارِجَ الْفَأْرَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الرَّدِّ إِلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا مَفْتُوحًا فَرَآهُ، جَازَ، وَإِلَّا، فَعَلَى قَوْلَيْ بَيْعِ الْغَائِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute