فَرْعٌ:
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، كُلُّهُ فِي مُقَدَّرٍ يُبَاعُ بِجِنْسِهِ. أَمَّا مَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، كَالْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالرُّمَّانِ، وَالسَّفَرْجَلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّهُ لَا رِبَا فِيهَا، جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَيْفَ شَاءَ، حَتَّى قَالَ الْقَفَّالُ: لَوْ جُفِّفَ شَيْءٌ مِنْهَا، وَكَانَ يُوزَنُ فِي جَفَافِهِ، فَلَا رِبَا فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا رِبَا فِيهِ فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَهُوَ حَالُ الرُّطُوبَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ الرِّبَا فِيهِ، فَإِنَّهُ فِي حَالِ الْجَفَافِ مَطْعُومٌ مُقَدَّرٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ: إِنَّ فِيهِ الرِّبَا، جَازَ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَيْفَ شَاءَ. وَأَمَّا بِجِنْسِهِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ، كَالْبِطِّيخِ الَّذِي يُفَلَّقُ، وَحَبِّ الرُّمَّانِ الْحَامِضِ، وَكُلِّ مَا يُجَفَّفُ مِنَ الثِّمَارِ، وَإِنْ مُقَدَّرًا كَالْمِشْمِشِ، وَالْخَوْخِ، وَالْكُمِّثْرَى الَّذِي يُفَلَّقُ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالِ الرُّطُوبَةِ، وَيَجُوزُ حَالَ الْجَفَافِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الشَّاذِّ: لَا يَجُوزُ، إِذْ لَيْسَ لَهُ حَالُ كَمَالٍ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُجَفَّفُ، كَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِ، فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ؟ فِيهِ وَفِي الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ، كَالرُّطَبِ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ، وَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ، قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَجُوزُ، كَالرُّطَبِ بِالرُّطَبِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ، كَاللَّبَنِ بِاللَّبَنِ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَيْلُهُ، كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ، بِيعَ وَزْنًا. وَإِنْ أَمْكَنَ، كَالتُّفَّاحِ وَالتِّينِ، فَيُبَاعُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: وَزْنًا، وَلَا بَأْسَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ بِتَفَاوُتِ الْعَدَدِ.
لَوْ أَرَادَ شَرِيكَانِ قِسْمَةَ رِبَوِيٍّ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ، لَمْ يَجُزْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute