بِعِوَضٍ وَالِاسْتِئْجَارَ بِعِوَضٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ، عَلَى أَنْ تَحْصُدَهُ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِجَارَةَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الزَّرْعَ، وَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى حَصَادِهِ بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ: بِعْتُ وَأَجَّرْتُ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ. وَالثَّانِي: تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ. وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الزَّرْعَ بِعَشَرَةٍ، وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِحَصْدِهِ بِدِرْهَمٍ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ. وَنَظَائِرُ مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ تُقَاسُ بِهَا، كَمَا إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ صَبْغَهُ، وَخِيَاطَتَهُ، أَوْ لَبَنًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ طَبْخَهُ، أَوْ نَعْلًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْعَلَ بِهِ دَابَّتَهُ، أَوْ عَبْدًا رَضِيعًا عَلَى أَنَّهُ يُتِمُّ إِرْضَاعَهُ، أَوْ مَتَاعًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ إِلَى بَيْتِهِ، وَالْبَائِعُ يَعْرِفُ بَيْتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، بَطَلَ قَطْعًا. وَلَوِ اشْتَرَى حَطَبًا عَلَى ظَهْرِ بَهِيمَةٍ مُطْلَقًا، فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيُسَلِّمُهُ إِلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ، أَمْ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَشْتَرِطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَقْتَضِي حَمْلَهُ إِلَى دَارِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الصَّحِيحُ فِي الْبَيْعِ، فَمِنْ أَنْوَاعِهِ شَرْطُ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ فِي الثَّمَنِ. فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا، بَطَلَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ أَجَّلَ الثَّمَنَ أَلْفَ سَنَةٍ، بَطَلَ الْعَقْدُ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ هَذِهِ الْمُدَّةَ. فَعَلَى هَذَا، يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْأَجَلِ، احْتِمَالُ بَقَائِهِ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: لَا يُشْتَرَطُ احْتِمَالُ بَقَائِهِ إِلَيْهِ، بَلْ يَنْتَقِلُ إِلَى وَارِثِهِ، لَكِنَّ التَّأْجِيلَ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إِلَيْهِ، فَاسِدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ مَوْضِعُ الْأَجَلِ، إِذَا كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ. فَأَمَّا ذِكْرُهُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ أُسَلِّمَهَا فِي وَقْتِ كَذَا، فَبَاطِلٌ، يُبْطِلُ الْبَيْعَ. وَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَأَجَّلَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مُدَّةً، أَوْ زَادَ فِي الْأَجَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ، فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ. كَمَا أَنَّ بَدَلَ الْإِتْلَافِ لَا يَتَأَجَّلُ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute