للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَّلَهُ. وَلَوْ أَوْصَى مَنْ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى إِنْسَانٍ بِإِمْهَالِهِ مُدَّةً، لَزِمَ وَرَثَتَهُ إِمْهَالُهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَلْزَمُ، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» .

وَلَوْ أَسْقَطَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ الْأَجَلَ، فَهَلْ يَسْقُطُ حَتَّى يَتَمكَّنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فِي الْحَالِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَالصِّفَةُ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ، أَوِ الدَّنَانِيرِ الصِّحَاحِ، لَوْ أَسْقَطَ صِفَةَ الْجَوْدَةِ وَالصِّحَّةِ، لَمْ تَسْقُطْ. وَمِنْ أَنْوَاعِهِ، شَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمِنْهَا: شَرْطُ الرَّهْنِ، وَالْكَفِيلِ، وَالشَّهَادَةِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، أَوْ يَتَكَفَّلَ بِهِ كَفِيلٌ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا. وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَشْرُطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ كَفِيلًا بِالْعُهْدَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الرَّهْنِ الْمُشَاهَدَةُ أَوِ الْوَصْفُ بِصِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. وَفِي الْكَفِيلِ الْمُشَاهَدَةُ، أَوِ الْمَعْرِفَةُ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ، كَقَوْلِهِ: رَجُلٌ مُوسِرٌ ثِقَةٌ. هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ لِلْأَصْحَابِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنَ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، لَمْ يَكُنْ مُبْعِدًا. وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْكَفِيلِ. فَإِذَا أَطْلَقَ، أَقَامَ مَنْ شَاءَ كَفِيلًا، وَهَذَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَادَّعَى الْإِمَامُ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعًا، وَرَدَّ الْخِلَافَ إِلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الشُّهُودَ، هَلْ يَتَعَيَّنُونَ؟ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ عَدْلٍ، وَإِلَّا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ عَدْلٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ رَهْنُهُ غَيْرَ الْمَبِيعِ. فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ رَهْنًا بِالثَّمَنِ، بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ، إِلَّا الْإِمَامَ، فَإِنَّهُ قَالَ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَدَاءَةَ بِالتَّسْلِيمِ بِمَنْ؟ فَإِنْ قُلْنَا: بِالْبَائِعِ أَوْ يُجْبِرَانِ، أَوْ لَا يُجْبِرَانِ، بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالْمُشْتَرِي، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>