فَارَقَ الْمَجْلِسَ، لَزِمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَالثَّانِي: لَا يُلْزَمُ إِلَّا بِالْإِلْزَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَارِقَ نَفْسَهُ وَإِنْ فَارَقَ الْمَجْلِسَ.
الثَّانِيَةُ: لَوِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، كَأَبِيهِ وَابْنِهِ، قَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: يُبْنَى ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لِلْبَائِعِ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ، وَلَا نَحْكُمُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ.
وَإِنْ قُلْنَا: مَوْقُوفٌ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ. وَإِذَا أَمْضَيْنَا الْعَقْدَ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَتَقَ بِالشِّرَاءِ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ. وَمَتَى يَعْتِقُ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ، ثُمَّ نَحْكُمُ يَوْمَئِذٍ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ.
وَالثَّانِي: نَحْكُمُ بِعِتْقِهِ حِينَ الشِّرَاءِ.
وَعَلَى هَذَا، هَلْ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْبَائِعِ؟ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي مَا إِذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْأَجْنَبِيَّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ.
قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَيُحْتَمَلُ أَنْ نَحْكُمَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَأَنْ لَا يَعْتِقَ الْعَبْدُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الرِّضَا إِلَّا بِأَصْلِ الْعَقْدِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْمَذْهَبُ، أَنَّهُ لَا خِيَارَ.
وَقَالَ الْأَوْدَنِيُّ: يَثْبُتُ، وَتَابَعَ الْغَزَالِيَّ إِمَامَهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ، وَهُوَ شَاذٌّ، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ عَنِ الْأَصْحَابِ.
الثَّالِثَةُ: الصَّحِيحُ: أَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ جَائِزٌ.
وَفِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو حَسَنٍ الْعَبَّادِيُّ، وَمَالَ إِلَى تَرْجِيحِ ثُبُوتِهِ، وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَصَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ.
الرَّابِعَةُ: فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ الْجَمْدِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ يَتْلَفُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
الْخَامِسَةُ: إِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ، وَلَمْ نُثَبِتْ خِيَارَ الْمَجْلِسِ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، فَهَذَا الْبَيْعُ مِنْ صُوَرِ الِاسْتِثْنَاءِ.