فَرْعٌ
لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، نَصَّ أَنِ الْخِيَارَ لِوَارِثِهِ، وَقَالَ فِي الْمُكَاتَبِ: إِذَا بَاعَ وَمَاتَ فِي الْمَجْلِسِ وَجَبَ الْبَيْعُ. وَلِلْأَصْحَابِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ وَالسَّيِّدِ، كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالْبَدَنِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: يَثْبُتُ لَهُمَا قَطْعًا. وَقَوْلُهُ فِي الْمُكَاتَبِ: وَجَبَ الْبَيْعُ مَعْنَاهُ: لَا يَبْطُلُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ. وَالثَّالِثُ: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ. وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ.
وَحُكِيَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: أَنَّهُ لَا يُورَثُ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَوِ اشْتَرَى، وَمَاتَ فِي الْمَجْلِسِ فَكَالْمُكَاتَبِ. وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إِذَا مَاتَ فِي الْمَجْلِسِ، هَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ كَالْمُكَاتَبِ. هَذَا إِذَا فَرَّغْنَا عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَجْلِسِ التَّوْكِيلِ. وَفِي وَجْهٍ: يُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْمُوَكِّلِ، وَهُوَ شَاذٌّ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ، فَقَدِ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَيِّتِ.
وَأَمَّا الْحَيُّ فَفِي «التَّهْذِيبِ» : أَنَّ خِيَارَهُ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يُفَارِقَ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: يَلْزَمُ الْعَقْدُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ خِلَافٍ فِيهِ، لِمَا سَبَقَ أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ لَا يَتَبَعُّضُ سُقُوطُهُ كَثُبُوتِهِ.
قُلْتُ: قَوْلُ صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» أَصَحُّ، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ حَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَمْتَدُّ حَتَّى يَجْتَمِعَ هُوَ وَالْوَارِثُ. وَرَابِعٌ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ: أَنَّهُ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ. فَإِذَا بَلَغَ الْخَبَرُ الْوَارِثَ، حَدَثَ لِهَذَا الْخِيَارُ مَعَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، امْتَدَّ الْخِيَارُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَيْهِ.
وَهَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ، أَمْ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute