وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إِذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِرَهْنِهِ الْعَبْدَ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ إِبَاقِهِ أَوْ غَصْبِهِ وَنَحْوِهَا. إِنْ مَكَّنَّاهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ مِنَ الرَّدِّ، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : أَصَحُّهُمَا: لَا فَسْخَ.
فَرْعٌ
حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي نُكْتَةُ بَيَاضٍ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ، وَوَجَدَ نُكْتَةً قَدِيمَةً، فَزَالَتْ إِحْدَاهُمَا فَقَالَ الْبَائِعُ: الزَّائِلَةُ الْقَدِيمَةُ، فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلِ الْحَادِثَةُ، وَلِي الرَّدُّ، حَلَفَا عَلَى مَا قَالَا. فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، قُضِيَ لَهُ. وَإِنْ حَلَفَا اسْتَفَادَ الْبَائِعُ دَفْعَ الرَّدِّ، وَالْمُشْتَرِي أَخْذَ الْأَرْشِ. فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْأَرْشِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَيْقَنُ.
إِذَا اشْتَرَى حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةٌ مَثَلًا، بِمِائَةٍ مِنْ جِنْسِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَيُرَدُّ الْحُلِيُّ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ الْحَادِثِ، وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا ; لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الْحُلِيِّ وَالثَّمَنِ، وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ. وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ، فَعَلَيْهِ غَرَامَتُهُ. وَالثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدُ، لِتَعَذُّرِ إِمْضَائِهِ، وَلَا يُرَدُّ الْحُلِيُّ عَلَى الْبَائِعِ، لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ مَعَ الْأَرْشِ وَدُونَهُ، فَيُجْعَلُ كَالتَّالِفِ، فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، سَلِيمًا عَنِ الْحَادِثِ. وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ هَذَا الْوَجْهَ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. وَالثَّالِثُ، وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ، وَالدَّارِكِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، كَسَائِرِ الصُّوَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute