فَرْعٌ.
مُؤْنَةُ الْكَيْلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الْقَبْضُ عَلَى الْبَائِعِ، كَمُؤْنَةِ إِحْضَارِ الْمَبِيعِ الْغَائِبِ، وَمُؤْنَةُ وَزْنِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، لِتَوَقُّفِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ. وَمُؤْنَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ هَلْ عَلَى الْبَائِعِ، أَوِ الْمُشْتَرِي؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو طَعَامٌ سَلَمًا، وَلِآخَرَ مِثْلُهُ عَلَى زَيْدٍ، فَأَرَادَ زَيْدٌ أَدَاءَ مَا عَلَيْهِ مِمَّا لَهُ عَلَى عَمْرٍو، فَقَالَ لِغَرِيمِهِ: اذْهَبْ إِلَى عَمْرٍو وَاقْبِضْ لِنَفْسِكَ مَا لِي عَلَيْهِ، فَقَبَضَهُ، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: احْضَرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ مِنْهُ لَكَ، فَفَعَلَ. وَإِذَا فَسَدَ الْقَبْضُ، فَالْمَقْبُوضُ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ. وَهَلْ تَبْرَأُ ذِمَّةُ عَمْرٍو مِنْ حَقِّ زَيْدٍ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَبْرَأُ، فَعَلَى الْقَابِضِ رَدُّ الْمَقْبُوضِ إِلَى عَمْرٍو. وَلَوْ قَالَ زَيْدٌ: اذْهَبْ فَاقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ مِنِّي لِنَفْسِكَ بِذَلِكَ الْكَيْلِ، أَوْ قَالَ: احْضَرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ لِنَفْسِي، ثُمَّ تَأْخُذُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ، فَفَعَلَ، فَقَبَضَهُ لِزَيْدٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَقَبَضَ زَيْدٌ لِنَفْسِهِ فِي الثَّانِيَةِ، صَحِيحَانِ، وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ عَمْرٍو مِنْ حَقِّ زَيْدٍ، وَالْقَبْضُ الْآخَرُ فَاسِدٌ، وَالْمَقْبُوضُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ. وَفِي وَجْهٍ: يَصِحُّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَلَوِ اكْتَالَ زَيْدٌ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ كَالَهُ عَلَى مُشْتَرِي وَأَقْبَضَهُ، فَقَدْ جَرَى الصَّاعَانِ وَصَحَّ الْقَبْضَانِ. فَلَوْ زَادَ حِينَ كَالَهُ ثَانِيًا أَوْ نَقَصَ، فَالزِّيَادَةُ لِزَيْدٍ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَدْرًا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ. فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، عَلِمْنَا أَنَّ الْكَيْلَ الْأَوَّلَ غَلَطٌ، فَيَرُدُّ زَيْدٌ الزِّيَادَةَ، وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute