وَلَوْ أَنَّ زَيْدًا لَمَّا اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنَ الْمِكْيَالِ، وَسَلَّمَهُ كَذَلِكَ إِلَى مُشْتَرِيهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ الْقَبْضُ الثَّانِي حَتَّى يُخْرِجَهُ وَيَبْتَدِئَ كَيْلًا. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ، كَابْتِدَاءِ الْكَيْلِ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا تَجْرِي فِي دَيْنَيِ السَّلَمِ تَجْرِي فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْتَحِقًّا بِالسَّلَمِ، وَالْآخَرُ بِقَرْضٍ أَوْ إِتْلَافٍ.
فَرْعٌ
لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقَبْضِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْإِقْبَاضِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْرَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يُوَكِّلَ الْمُشْتَرِي مَنْ يَدُهُ يَدُ الْبَائِعِ، كَعَبْدِهِ، وَمُسْتَوْلَدَتِهِ، وَلَا بَأْسَ بِتَوْكِيلِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَمُكَاتِبِهِ. وَفِي تَوْكِيلِهِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَلَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ: وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْكَ، فَفَعَلَ، جَازَ، وَيَكُونُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي. وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ بِأَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ لِلْمُوَكَّلِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْقَابِضُ وَالْمُقْبِضُ وَاحِدًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِالْإِقْبَاضِ، وَيُوَكِّلَهُ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ. كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَهُ هَذَا بِالْبَيْعِ وَذَاكَ بِالشِّرَاءِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَدَفَعَ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا مِثْلَ مَا تَسْتَحِقُّهُ لِي، وَاقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ، فَفَعَلَ، صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَلِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.
وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَصِحُّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِي، وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ، فَفَعَلَ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، وَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute