وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِالشَّجَرِ وَنَفَعَ الثِّمَارِ، فَتَنَازَعَا، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ: يُفْسَخُ إِنْ لَمْ يُسَامِحْ. وَالثَّانِي: لِلْبَائِعِ السَّقْيُ. هَذَا نَقْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: فِي الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُجَابُ الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: الْبَائِعُ. وَالثَّالِثُ: يَتَسَاوَيَانِ. وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ يَضُرُّ بِوَاحِدٍ، وَتَرْكُهُ يَمْنَعُ حُصُولَ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ، فَفِي إِلْحَاقِهِ بِتَقَابُلِ الضَّرَرِ احْتِمَالَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ، وَتَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثِّمَارِ لِامْتِصَاصِهَا رُطُوبَةَ الشَّجَرِ، أُجْبِرَ عَلَى السَّقْيِ أَوِ الْقَطْعِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ.
قُلْتُ: هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ لِلْبَائِعِ نَفْعٌ فِي تَرْكِ الثَّمَرَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ الْقَطْعُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
اللَّفْظُ السَّادِسُ: الثِّمَارُ، وَهِيَ تُبَاعُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَهُ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، جَازَ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ إِبْقَائِهَا إِلَى وَقْتِ الْجِدَادِ، وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْأُصُولُ لِلْبَائِعِ، أَمْ لِلْمُشْتَرِي، أَمْ لِغَيْرِهِمَا. فَإِنْ أَطْلَقَ، فَلَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَى وَقْتِ الْجِدَادِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ بَعْدَ الصَّلَاحِ مَعَ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا. الثَّانِيَةُ: إِذَا بِيعَتْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِمَّا أَنْ تُبَاعَ مُفْرَدَةً عَنِ الشَّجَرِ، وَإِمَّا مَعَهُ.
الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: الْمُفْرَدَةُ. وَلِلْأَشْجَارِ صُورَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَكُونَ لِلْبَائِعِ [الْغَلَّةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي] أَوْ لِغَيْرِهِمَا. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ مُطْلَقًا، وَلَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ كَانَتِ الْكُرُومُ فِي بِلَادٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ بِحَيْثُ لَا تَنْتَهِي ثِمَارُهَا إِلَى الْحَلَاوَةِ، وَاعْتَادَ أَهْلُهَا قَطْعَ الْحِصْرِمِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَفَّالُ: يَجُوزُ بَيْعُهَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَيَكُونُ الْمُعْتَادُ كَالْمَشْرُوطِ. وَمَنَعَ الْأَكْثَرُونَ ذَلِكَ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِانْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute