خُرُوجِهِ وَقَدْ عَيَّنَ السُّلْطَانُ لَهُ وَقْتًا جَازَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ: إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ. وَلَوْ قَالَ: إِلَى الشِّتَاءِ أَوِ الصَّيْفِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَقْتَ. وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ قَالَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْقِيتُ بِالْيَسَارِ.
فَرْعٌ
التَّوْقِيتُ بِشُهُورِ الْفُرْسِ وَالرُّومِ جَائِزٌ كَشُهُورِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَكَذَا التَّوْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ جَائِزٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَصِحُّ. قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّهُمَا يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إِلَى أَوَائِلِ بُرْجَيِ الْحَمَلِ وَالْمِيزَانِ، وَقَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ لَيْلًا، ثُمَّ يَنْحَبِسُ مَسِيرُ الشَّمْسِ كُلَّ سَنَّةٍ قَدْرَ رُبْعِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَلَوْ وَقَّتَ بِفِصْحِ النَّصَارَى، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِظَاهِرِهِ اجْتِنَابًا لِمَوَاقِيتِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: إِنِ اخْتَصَّ بِمَعْرِفَتِهِ الْكُفَّارُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَإِنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ، جَازَ كَالنَّيْرُوزِ. ثُمَّ اعْتَبَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا مَعْرِفَةَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: يَكْفِي مَعْرِفَةُ النَّاسِ. وَسَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا مَعْرِفَتَهُمَا أَمْ لَا. فَلَوْ عَرَفَا كَفَى عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي وَجْهٍ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَدْلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِوَاهُمَا ; لِأَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَرْجِعٍ. وَفِي مَعْنَى الْفِصْحِ سَائِرُ أَعْيَادِ أَهْلِ الْمِلَلِ، كَفَطِيرِ الْيَهُودِ وَنَحْوِهِ.
قُلْتُ: الْفِصْحُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ عِيدٌ لَهُمْ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ لَفْظٌ عَرَبِيٌّ. وَالْفَطِيرُ، عِيدُ الْيَهُودِ لَيْسَ عَرَبِيًّا، وَقَدْ طَرَدَ صَاحِبُ الْحَاوِي الْوَجْهَ فِي الْفِصْحِ فِي شُهُورِ الْفُرْسِ وَشُهُورِ الرُّومِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
لَوْ وَقَّتَا بِنَفْرِ الْحَجِيجِ وَقَيَّدَا بِالْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، جَازَ. وَإِنْ أَطْلَقَا فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: صِحَّتُهُ، وَيُحْمَلُ عَلَى النَّفْرِ الْأَوَّلِ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute