وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي التَّوْقِيتِ بِشُهُورِ رَبِيعٍ، أَوْ جُمَادَى، أَوِ الْعِيدِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ السَّنَةِ إِذَا حَمَلْنَا الْمَذْكُورَ عَلَى الْأَوَّلِ. وَفِي «الْحَاوِي» وَجْهٌ: أَنَّ التَّوْقِيتَ بِالنَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَعْرِفُونَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ وَجْهَيْنِ فِي التَّوْقِيتِ بِيَوْمِ الْقَرِّ لِأَهْلِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا خَوَاصُّهُمْ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّا إِنِ اعْتَبَرْنَا عِلْمَ الْعَاقِدَيْنِ فَلَا فَرْقَ، وَإِلَّا فَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عِنْدِ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
قُلْتُ: يَوْمُ الْقَرِّ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، سُمِّيَ بِهِ ; لِأَنَّهُمْ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى، وَيَنْفِرُونَ بَعْدَهُ النَّفْرَيْنِ، فِي الثَّانِي عَشَرَ، وَالثَّالِثَ عَشَرَ. وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي «الْحَاوِي» قَوِيٌّ. وَدَعْوَى الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ شُهْرَتَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْفُقَهَاءِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ لَا تُقْبَلُ، بَلْ رُبَّمَا لَا يَعْرِفُ الْقَرَّ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَفَقِّهِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ أَجَّلَا إِلَى سَنَّةٍ أَوْ سِنِينَ مُطْلَقَةٍ، حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ. فَإِنْ قُيِّدَ بِالرُّومِيَّةِ، أَوِ الْفَارِسِيَّةِ، أَوِ الشَّمْسِيَّةِ، أَوِ الْعَدَدِيَّةِ. وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا تَقَيَّدَ. وَكَذَا مُطْلَقُ الْأَشْهُرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةِ. ثُمَّ إِنْ جَرَى الْعَقْدُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، اعْتُبِرَ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ، تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً. وَإِنْ جَرَى بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الشَّهْرِ، عُدَّ بِاقِيهِ بِالْأَيَّامِ، وَاعْتُبِرَتِ الشُّهُورُ بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ، ثُمَّ يُتَمَّمُ الْمُنْكَسِرُ بِثَلَاثِينَ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ إِذَا انْكَسَرَ شَهْرٌ، اعْتُبِرَ جَمِيعُ الشُّهُورِ بِالْعَدَدِ. وَضَرَبَ الْإِمَامُ مَثَلًا لِلتَّأْجِيلِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَعَ الِانْكِسَارِ فَقَالَ: عَقَدَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ صَفَرٍ لَحْظَةٌ، وَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى، فَيُحْسَبُ الرَّبِيعَانِ بِالْأَهِلَّةِ، وَيُضَمُّ جُمَادَى إِلَى اللَّحْظَةِ مِنْ صَفَرٍ، وَيُكَمَّلُ جُمَادَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute