الْآخِرَةُ بِيَوْمٍ إِلَّا لَحْظَةً. ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ: كُنْتُ أَوَدُّ أَنَّ يُكْتَفَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّهَا جَرَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ. وَمَا تَمَنَّاهُ الْإِمَامُ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» وَغَيْرُهُ، وَقَطَعُوا بِحُلُولِ الْأَجَلِ بِانْسِلَاخِ جُمَادَى الْأُولَى. قَالُوا: وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْعَدَدُ إِذَا عُقِدَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
فَرْعٌ
لَوْ قَالَ: إِلَى يَوْمِ الْجُمْعَةِ، أَوْ إِلَى رَمَضَانَ، حَلَّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ. وَرُبَّمَا يُقَالُ: بِانْتِهَاءِ لَيْلَةِ الْجُمْعَةِ، وَبِانْتِهَاءِ شَعْبَانَ، وَهُمَا بِمَعْنًى، وَلَوْ قَالَ: مَحَلُّهُ فِي الْجُمْعَةِ، أَوْ فِي رَمَضَانَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَوْمَ ظَرْفًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ.
قُلْتُ: كَذَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. إِذَا قَالَ فِي يَوْمِ كَذَا، أَوْ شَهْرِ كَذَا، أَوْ سَنَةِ كَذَا، لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَوَّوْا بَيْنَهُمَا، وَحَكَى الطَّبَرِيُّ فِي الْعَدِّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَصِحُّ فِي يَوْمِ كَذَا دُونَ الشَّهْرِ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي هَذِهِ الصُّوَرَ عَلَى مَرَاتِبَ، فَقَالَ: مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: يَبْطُلُ فِي السَّنَةِ دُونَ الشَّهْرِ، قَالَ: فَأَمَّا الْيَوْمُ فَالصَّحِيحُ فِيهِ الْجَوَازُ لِقُرْبِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ. وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ قَدَّمْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ: إِلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ بَطَلَ، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَوِ الْأَخِيرِ. قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ، كَمَسْأَلَةِ النَّفَرِ، وَكَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ، يُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِهِمَا، وَكَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute