الشَّهْرِ، وَجَمِيعُ دَمِهَا فِيهِ حَيْضٌ، فَتَقْضِي مَا صَامَتْهُ فِي أَيَّامِ الدَّمِ. وَتَبَيَّنَّا أَنَّ غُسْلَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَا تَأْثَمُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَطْءِ، فِيمَا وَرَاءَ الْمَرَدِّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي الْحَيْضِ لِجَهْلِهَا. وَإِنْ لَمْ تُشْفَ، فَهَلْ يَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ فِيمَا وَرَاءَ الْمَرَدِّ إِلَى تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَمْ تَكُونُ طَاهِرًا كَسَائِرِ الْمُسْتَحَاضَاتِ الطَّاهِرَاتِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي. فَإِنْ قُلْنَا: تَحْتَاطُ، لَمْ تَحِلَّ لِلزَّوْجِ، إِلَّا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَا تَقْضِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَوَائِتَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ. وَيَلْزَمُهَا أَدَاءُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَقْضِي الصَّوْمَ كُلَّهُ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا تَحْتَاطُ، صَامَتْ وَصَلَّتْ، وَلَا تَقْضِيهِمَا، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَلَهَا قَضَاءُ الْفَوَائِتِ. وَيُبَاحُ وَطْؤُهَا.
الْمُسْتَحَاضَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ، فَتُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا. وَلَهَا حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تَخْتَلِفَ عَادَتُهَا، فَإِنْ تَكَرَّرَتْ عَادَةُ حَيْضِهَا وَطُهْرِهَا مِرَارًا، رُدَّتْ إِلَيْهَا فِي قَدْرِ الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ، وَوَقْتِهَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا، أَنْ تَحِيضَ أَيَّامًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، وَأَكْثَرَ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ الدَّوْرُ عَلَى تِسْعِينَ يَوْمًا، وَسَنُعِيدُ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّفَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ. فَالْأَصَحُّ: أَنَّ الْعَادَةَ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ. وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ مَرَّتَيْنِ. وَالثَّالِثُ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ خَمْسًا، فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ سِتًّا، ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْعَادَةَ بِمَرَّةٍ، رُدَّتْ إِلَى السِّتِّ، وَإِلَّا، فَإِلَى الْخَمْسِ. ثُمَّ الْمُعْتَادَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شُهُورِ اسْتِحَاضَتِهَا، تَتَرَبَّصُ كَالْمُبْتَدَأَةِ، لِجَوَازِ انْقِطَاعِ دَمِهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ جَاوَزَهَا، قَضَتْ صَلَوَاتِ مَا وَرَاءَ الْعَادَةِ. وَأَمَّا الشَّهْرُ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ، فَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ عِنْدَ مُضِيِّ الْعَادَةِ. وَلَا يَجِيءُ هُنَا قَوْلُ الِاحْتِيَاطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ، لِقُوَّةِ الْعَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute