لَمْ يُبَعْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، إِنْ قَدَرَ الرَّاهِنُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ إِلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، بِيعَ وَإِنْ سَخِطَ الْمَالِكُ. وَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ لَمْ يُبَعْ إِلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: الرَّهْنُ وَإِنْ صَدَرَ مِنَ الْمَالِكِ، لَا يُسَلَّطُ عَلَى الْبَيْعِ إِلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ، بِيعَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَاجَعَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا. ثُمَّ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ فِي الْبَيْعِ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، عَادَ الْوَجْهُ فِي جَوَازِ رُجُوعِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانٌ، وَلَمْ يُؤَدِّ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ لَمْ يُمَكَّنْ مِنَ الِانْتِفَاعِ، وَيُبَاعُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا كَانَ الرَّاهِنُ أَوْ مُوسِرًا، كَمَا لَوْ ضَمِنَ فِي ذِمَّتِهِ، يُطَالَبُ مُوسِرًا كَانَ الْأَصِيلُ، أَوْ مُعْسِرًا، ثُمَّ إِذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ بِقِيمَتِهِ، رَجَعَ بِهَا الْمَالِكُ عَلَى الرَّاهِنِ. وَإِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانٌ، رَجَعَ بِمَا بِيعَ بِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، رَجَعَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ رَجَعَ بِمَا بِيعَ بِهِ إِنْ قُلْنَا: ضَمَانٌ. وَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يَرْجِعُ إِلَّا بِالْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ بِهَا يَضْمَنُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يَرْجِعُ بِمَا بِيعَ بِهِ كُلِّهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ مِلْكِهِ وَقَدْ صُرِفَ إِلَى دَيْنِ الرَّاهِنِ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَالرُّويَانِيُّ.
قُلْتُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعُ: لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، لَزِمَ الرَّاهِنُ الضَّمَانَ. وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْتَهَنِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ لَا مُسْتَعِيرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute