وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، كَمَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ، أَنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ: الضَّمَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ: لَوْ جَنَى فِي يَدِ الْمُرْتَهَنِ، فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، لَزِمَ الرَّاهِنُ الْقِيمَةَ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا إِذَا قُلْنَا: الْعَارِيَّةُ تُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ، وَإِلَّا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
السَّادِسُ: إِذَا قُلْنَا: ضَمَانٌ، وَجَبَ بَيَانُ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فِي الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ وَغَيْرِهِمَا، وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ: أَنَّ الْحُلُولَ وَالتَّأْجِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُمَا، وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَنْ يَرْهَنُ عِنْدَهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ، لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَرَهَنَ بِمَا دُونَهُ، جَازَ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ، وَفِي الْمَأْذُونِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصِّفَةِ، وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْجَمِيعِ لِلْمُخَالَفَةِ. وَكَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، لَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ. وَلَوْ قَالَ: أَعِرْنِي لِأَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ، أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ، كَانَ ذَلِكَ كَتَقْيِيدِ الْمُعِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: وَإِذَا قُلْنَا: عَارِيَّةٌ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَيِّ جِنْسٍ شَاءَ، وَبِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَكِنْ لَا يَرْهَنُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا. فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فَكُّهُ إِلَّا بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ. وَلَوْ أَذِنَ فِي حَالٍّ فَرَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ لَمْ يَصِحَّ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ إِلَى أَجَلٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعُ: لَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ، إِنْ قُلْنَا: ضَمَانٌ، فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي: أَنَّهُ يُنَفَّذُ وَيُوقَفُ فِيهِ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ كَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ قُلْنَا: عَارِيَّةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute