قَالَ الْقَاضِي: كَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى اللُّزُومِ، هَذَا الرَّهْنُ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ رُجُوعًا، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ.
الثَّامِنُ: لَوْ قَالَ مَالِكُ الْعَبْدِ: ضَمِنْتُ مَا لِفُلَانٍ عَلَيْكَ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا، قَالَ الْقَاضِي: صَحَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ، وَيَكُونُ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ تَرَدُّدٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ لَمْ يَقْبَلْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْقَبُولُ فِي الضَّمَانِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَعْيَانِ، تَقْرِيبًا لَهُ مِنَ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ الْمُطْلَقِ فِي الذِّمَّةِ.
التَّاسِعُ: لَوْ قَضَى الْمُعِيرُ الدَّيْنَ بِمَالِ نَفْسِهِ، انْفَكَّ الرَّهْنُ، ثُمَّ رُجُوعُهُ عَلَى الرَّاهِنِ يَتَعَلَّقُ بِكَوْنِ الْقَضَاءِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَسَنُوَضِّحُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَلَوْ شَهِدَ الْمُرْتَهِنُ لِلْمُعِيرِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبَدَهُ بِدَيْنِ غَيْرِهِ دُونَ إِذْنِهِ، جَازَ، وَإِذَا بِيعَ فِيهِ، فَلَا رُجُوعَ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمَرْهُونُ بِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ.
أَحَدُهَا: كَوْنُهُ دَيْنًا، فَلَا يَصِحُّ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، كَالْمَبِيعِ، أَوْ بِحُكْمِ الْيَدِ كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمُسْتَعَارِ، وَالْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَجُوزُ كُلُّ ذَلِكَ.
الثَّانِي: كَوْنُهُ ثَابِتًا، فَلَا يَصِحُّ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ، بِأَنْ رَهَنَهُ بِمَا يَسْتَقْرِضُهُ، أَوْ بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: يَصِحُّ إِنْ عَيَّنَ مَا يَسْتَقْرِضُهُ. وَفِي وَجْهٍ: لَوْ تَرَاهَنَا بِالثَّمَنِ، ثُمَّ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى تَبَايَعَا، صَحَّ الرَّهْنُ إِلْحَاقًا لِلْحَاصِلِ فِي الْمَجْلِسِ بِالْمُقَارَنِ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. فَعَلَى الصَّحِيحِ: لَوِ ارْتَهَنَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَقَبْضِهِ، كَانَ مَأْخُوذًا عَلَى جِهَةِ سَوْمِ الرَّهْنِ. فَإِذَا اسْتَقْرَضَ أَوِ اشْتَرَى مِنْهُ لَمْ يَصِرْ دَيْنًا إِلَّا بِرَهْنٍ جَدِيدٍ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَصِيرُ. وَلَوِ امْتَزَجَ الرَّهْنُ وَسَبَّبَ ثُبُوتَ الدَّيْنِ، بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِأَلْفٍ، وَارْتَهَنْتُ هَذَا الثَّوْبَ بِهِ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ وَرَهَنْتُ، أَوْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute