فَرْعٌ
رَهَنَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ عَشْرَةً لِيَكُونَ رَهْنًا بِهِمَا، وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ رَهَنَ بِالْعِشْرِينَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّاهِدَانِ الْحَالَ وَنَقَلَا مَا سَمِعَا، فَهَلْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ رَهْنًا بِالْعِشْرِينَ، إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَعْتَقِدُ الْقَوْلَ الْجَدِيدَ، وَجْهَانِ. وَإِنْ عَرَفَا الْحَالَ، فَإِنْ كَانَا يَعْتَقِدَانِ جَوَازَ الْإِلْحَاقِ، فَهَلْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ رَهَنَ بِالْعِشْرِينَ، أَمْ عَلَيْهِمَا بَيَانُ الْحَالِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إِلَى الْحَاكِمِ، لَا إِلَيْهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَا يَعْتَقِدَانِ مَنْعَ الْإِلْحَاقِ لَمْ يَشْهَدَا إِلَّا بِمَا جَرَى بَاطِنًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ، فِيمَا إِذَا شَهِدَا بِنَفْسِ الرَّهْنِ، وَفِيهِ صُوَرُ الْجُمْهُورِ: فَإِنْ شَهِدَا عَلَى إِقْرَارِ الرَّاهِنِ، فَالْوَجْهُ تَجْوِيزُهُ مُطْلَقًا.
قُلْتُ: كَذَا أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : إِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مُجْتَهِدَيْنَ، فَفِيهِ التَّفْصِيلُ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُجْتَهِدَيْنَ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَلَزِمَهُمَا شَرْحُ الْحَالِ. وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، فَرَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ عِنْدَ صَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ أَيْضًا، فَفِي صِحَّتِهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الصِّيغَةُ، فَيُعْتَبَرُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، اعْتِبَارُهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْخِلَافُ فِي الْمُعَاطَاةِ وَالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابُ عَائِدٌ كُلُّهُ هُنَا.
الرَّهْنُ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: مَشْرُوطٌ فِي عَقْدٍ، كَمَنْ بَاعَ، أَوْ أَجَّرَ، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ زَوَّجَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ بِالثَّمَنِ، أَوِ الْأُجْرَةِ، أَوِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوِ الصَّدَاقِ. وَالْقَسْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute