للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِي: مَا لَمْ يُشْرَطْ، وَيُسَمَّى: رَهْنُ التَّبَرُّعِ، وَالرَّهْنُ الْمُبْتَدَأُ. فَالْأَوَّلُ، كَبِعْتُكَ دَارِي بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ عَبْدَكَ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ وَرَهَنْتُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافًا فِي أَنَّهُ يَتِمُّ الرَّهْنُ بِهَذَا، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: ارْتَهَنْتُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقُومُ الشَّرْطُ مَقَامَ الْقَبُولِ، كَمَا يَقُومُ الِاسْتِيجَابُ مَقَامَهُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُمَا إِذَا شَرَطَا الرَّهْنَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ، صَارَ مَرْهُونًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَهْنٍ، وَيُقَامُ التَّشَارُطُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.

فَرْعٌ

الشَّرْطُ فِي الرَّهْنِ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ، فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ، وَلَا فِي الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ فِي عَقْدٍ، كَقَوْلِهِ: رِهْنَتُكَ عَلَى أَنْ تُبَاعَ فِي دَيْنِكَ، أَوْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، أَوْ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ. وَالثَّانِي: مَا لَا يَقْتَضِيهِ، وَهُوَ إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، كَالْإِشْهَادِ، وَإِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ، كَقَوْلِهِ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا الْهَرِيسَةَ، وَحُكْمُهُمَا كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. وَأَمَّا غَيْرُهُمَا، وَهُوَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا يَنْفَعُ الْمُرْتَهِنَ وَيَضُرُّ الرَّاهِنَ، كَشَرْطِ الْمَنَافِعِ أَوِ الزَّوَائِدِ لِلْمُرْتَهَنِ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، فَإِنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، بَطَلَ الرَّهْنُ أَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَجُرَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ، بِأَنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَحْبُوسًا شَهْرًا، فَسَدَ الرَّهْنُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَفِي فَسَادِ الْبَيْعِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا شَرَطَ عَقْدًا فَاسِدًا فِي بَيْعٍ، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارَ، صَحَّ الرَّهْنُ أَمْ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الشَّرْطُ، وَإِنْ جَرَّ جَهَالَةً، بِأَنَّ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا تَكُونُ مَنَافِعُهُ لِلْمُرْتَهَنِ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَجُرُّ جَهَالَةً، ثُمَّ الْبُطْلَانُ فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ الْمَنْفَعَةَ. فَلَوْ قَيَّدَهَا فَقَالَ: وَيَكُونُ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً مَثَلًا، فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فِي صَفْقَةٍ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>