للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَطَلَ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَفِي وَجْهٍ: يَصِحُّ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الْقِيمَةِ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَلَوْ عَكَسْتَ التَّصْوِيرَ فِي الْحُقِّ وَالْخَرِيطَةِ، كَانَ الْحُكْمُ يُعْكَسُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِلَا فَرْقٍ. وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ الظَّرْفَ دُونَ مَا فِيهِ، صَحَّ الرَّهْنُ فِيهِ مَهْمَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ. فَإِنْ قُلْتَ: لِأَنَّهُ إِذَا أَفْرَدَهُ فَقَدْ وَجَّهَ الرَّهْنَ نَحْوَهُ، وَجَعَلَهُ الْمَقْصُودَ. وَإِنْ رَهَنَ الظَّرْفَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا فِيهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا. فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُقْصَدُ بِالرَّهْنِ وَحْدَهُ، فَهُوَ الْمَرْهُونُ لَا غَيْرَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْصَدُ مُنْفَرِدًا لَكِنَّهُ مُتَمَوَّلٌ، فَهَلِ الْمَرْهُونُ الظَّرْفُ فَقَطْ؟ أَوْ مَعَ الْمَظْرُوفِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَوَّلُهُمَا. وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِهِ وَجْهَانِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَظْرُوفِ أَمْ يُلْغَى.

قُلْتُ: قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرَّهْنِ، يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ حَرْفًا حَرْفًا، فِيمَا إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ الْخَرِيطَةَ بِمَا فِيهَا، أَوْ وَحْدَهَا، أَوِ الْخَرِيطَةَ ; لِأَنَّ مَأْخَذَهُ اللَّفْظُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْعَاقِدَانِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا التَّكْلِيفُ، لَكِنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ. فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِيمَا لَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ وَالِاحْتِياطِ، فَرَهَنَ الْوَلِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، وَارْتِهَانُهُ لَهُمْ، مَشْرُوطَانِ بِالْمُصْلِحَةِ وَالِاحْتِيَاطِ، فَمِنْ صُوَرِ الرَّهْنِ لِلْمَصْلَحَةِ، أَنْ يَشْتَرِيَ لِلطِّفْلِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، وَيَرْهَنُ بِهِ مَا يُسَاوِي مِائَةً مِنْ مَالِهِ، فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعْرَضْ تَلِفَ، فَفِيهِ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَإِنْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ، كَانَ فِي الْمُشْتَرَى مَا يَجْبُرُهُ. وَلَوِ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إِلَّا بَرْهَنِ مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ، تَرَكَ هَذَا الشِّرَاءَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتْلَفُ فِي الْعَادَةِ كَالْعَقَارِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَيْلٌ إِلَى جَوَازِهِ. وَمِنْهَا إِذَا وَقَعَ نَهْبٌ أَوْ حَرِيقٌ، وَخَافَ الْوَلِيُّ عَلَى مَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَقَارًا، وَيَرْهَنَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>