الْوَارِثُ عَلَيْهِ. فَلَوْ أَعْتَقَ الْوَارِثُ أَوْ بَاعَ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا، سَوَاءٌ جَعَلْنَاهُ كَالْجَانِي أَوْ كَالْمَرْهُونِ. وَيَجِيءُ فِي الْإِعْتَاقِ خِلَافٌ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، نُفِّذَ فِي وَجْهٍ، بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَلَا يُنَفَّذُ فِي وَجْهٍ، بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْمَرْهُونِ. وَفِي وَجْهٍ: هُمَا مَوْقُوفَانِ. فَإِنْ قُضِيَ الدَّيْنُ، تَبَيَّنَا نُفُوذَهُمَا، وَإِلَّا، فَلَا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى قِيَاسِ الْمَرْهُونِ. وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ، نُفِّذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إِلَى أَنْ لَا يَبْقَى إِلَّا قَدْرَ الدَّيْنِ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ لِشَيْءٍ حَقِيرٍ، بَعِيدٌ. وَإِذَا حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ ظَاهِرٌ، فَتَصَرَّفَ، ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ، بِأَنْ كَانَ بَاعَ شَيْئًا وَأَكْلَ ثَمَنَهُ، فَرُدَّ بِالْعَيْبِ، وَلَزِمَ رَدُّ الثَّمَنِ، أَوْ سَقَطَ سَاقِطٌ فِي بِئْرٍ كَانَ احْتَفَرَهَا عُدْوَانًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّصَرُّفِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الدَّيْنِ، فَأُلْحِقْ بِالْمُقَارَنِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَفْسُدُ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ أَدَّى الْوَارِثُ الدَّيْنَ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُفْسَخُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ لِيَصِلَ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ حَقُّهُ. وَالثَّانِي: لَا، بَلْ يُطَالَبُ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ، وَيُجْعَلُ كَالضَّامِنِ، وَلِلْوَارِثِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يُمْسِكَ عَيْنَ التَّرِكَةِ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنَ التَّرِكَةِ، فَقَالَ الْوَارِثُ: آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا، وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ، أَيُّهُمَا يُجَابُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْوَارِثُ. وَفِي تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ، كَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ، خِلَافٌ مَبْنِيُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ، أَمْ لَا؟ إِنْ مَنَعَ، تَعَلَّقَ، وَإِلَّا، فَلَا.
قُلْتُ: سَوَاءٌ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ الْمُقَارِنِ، أَمْ لَا، قَالَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، لَا يُخْتَلَفُ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْيَدِ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ، وَلَا تُزَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute