يَدُهُ إِلَّا لِلِانْتِفَاعِ كَمَا سَبَقَ، ثُمَّ يُرَدُّ إِلَيْهِ لَيْلًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَعْمَلُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ، رُدَّ إِلَيْهِ نَهَارًا. وَلَوْ شَرَطَا فِي الِابْتِدَاءِ وَضْعَهُ فِي يَدِ ثَالِثٍ، جَازَ فَإِنْ شَرَطَا عِنْدَ اثْنَيْنِ، وَنَصَّا عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالْحِفْظِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَحْفَظَاهُ مَعًا فِي حِرْزٍ، اتُّبِعَ الشَّرْطُ. وَإِنْ أَطْلَقْنَاهُ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْحِفْظِ. كَمَا لَوْ أَوْصَى إِلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فِي شَيْءٍ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا، فَعَلَى هَذَا يَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا. وَالثَّانِي: يَجُوزُ الِانْفِرَادُ لِئَلَّا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا، فَعَلَى هَذَا إِنِ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، فَذَاكَ، وَإِنْ تَنَازَعَا وَالرَّهْنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ، قُسِمَ وَحَفِظَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ، وَإِلَّا حَفِظَ هَذَا مُدَّةً، وَهَذَا مُدَّةً. وَلَوْ قَسَمَاهُ بِالتَّرَاضِي وَالتَّفْرِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرُدَّ مَا فِي يَدِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: قَطَعَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا أَرَادَ الَّذِي وَضَعَاهُ عِنْدَهُ الرَّدَّ، رَدَّهُ إِلَيْهِمَا، أَوْ إِلَى وَكِيلِهِمَا، فَإِنْ كَانَا غَائِبَيْنِ وَلَا وَكِيلَ، فَهُوَ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ إِلَى أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَاسْتُرِدَّ مِنْهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، نُظِرَ، إِنْ دَفَعَهُ إِلَى الرَّاهِنِ، رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى حَقِّهِ، لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَيُغَرِّمُ مَنْ شَاءَ مِنَ الْعَدْلِ وَالرَّاهِنِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ دَفَعَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، ضَمِنَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ، جَاءَ الْكَلَامُ فِي التَّقَاصِّ، وَإِنْ غَصَبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنُ مِنْ يَدِ الْعَدْلِ، ضَمِنَ. فَلَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ بَرِئَ. وَقِيلَ: لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute