للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبَضْتُهُ عَنِ الرَّهْنِ، وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ، فَقَالَ: بَلْ غَصَبْتَنِيهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ قَبْضَتَهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى مَأْذُونٍ فِيهَا، بِأَنْ قَالَ: أَوْدَعْتُكَهُ، أَوْ أَعَرْتُ، أَوْ أَكْرَيْتُ، أَوْ أَكْرَيْتُهُ لِفُلَانٍ فَأَكْرَاكَهُ، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، أَوْ قَوْلُ الرَّاهِنِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ، فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، حَيْثُ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، وَصَادَفَنَا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَعَارَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا حُصُولُ الْقَبْضِ، لِقُوَّةِ يَدِهِ بِالْمِلْكِ. وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ. وَلَوْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ فِي إِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَلَى جِهَةِ الرَّهْنِ، وَلَكِنْ قَالَ: رَجَعْتُ قَبْلَ قَبْضِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبَضْتُهُ، فَمَنْ كَانَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ مِنْهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا النَّصَّيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي «الْأُمِّ» .

فَرْعٌ

إِقْرَارُ الرَّاهِنِ بِإِقْبَاضِ الْمَرْهُونِ، مَقْبُولٌ مُلْزِمٌ، لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ. حَتَّى لَوْ قَالَ: رَهَنْتُهُ الْيَوْمَ دَارِي بِالشَّامِ، وَأَقْبَضْتُهُ إِيَّاهَا وَهُمَا بِمَكَّةَ، فَهُوَ لَاغٍ. وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْإِقْبَاضِ فِي مَوْضِعِ الْإِمْكَانِ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ إِقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ، فَحَلَّفُوهُ أَنَّهُ قَبَضَ، نُظِرَ، إِنْ ذَكَرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا، بِأَنْ قَالَ: كُنْتُ أَقَبَضْتُهُ بِالْقَوْلِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْفِي قَبْضًا، أَوْ وَقْعَ إِلَيَّ كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي بِأَنَّهُ أَقْبَضَ وَكَانَ مُزَوَّرًا، أَوْ قَالَ: أَشْهَدْتُ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ قَبْلَ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ، فَلَهُ تَحْلِيفُهُ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ: يُحَلِّفُهُ، وَبِهِ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>