ابْنُ خَيْرَانَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمَرَاوِزَةِ: لَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ.
قُلْتُ: طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ أَفْقَهُ وَأَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَكَى فِي «الْوَسِيطِ» وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا. وَهَذَا الْوَجْهُ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى إِقْرَارِهِ، بَلْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا ; لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إِلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا فَرْقَ، لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْضِ، فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِحَالٍ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى إِقْرَارِهِ، فَقَالَ: مَا أَقْرَرْتُ ; لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِيَ: أَقْبَضْتُ، ثُمَّ تَلِفَ الرَّهْنُ، فَلَا خِيَارَ لَكَ فِي الْبَيْعِ، وَأَقَامَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ حُجَّةً، فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ تَحْلِيفَهُ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي إِقْرَارِ الرَّهْنِ وَطَلَبِ الرَّاهِنِ يَمِينَ الْمُرْتَهِنِ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا، مَا إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَقْرَرْتُ وَأَشْهَدْتُ لِيُقْرِضَنِي، ثُمَّ لَمْ يُقْرِضْنِي، وَكَذَا سَائِرُ نَظَائِرِهَا.
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْجِنَايَةُ، وَهِيَ ضَرْبَانِ.
الْأَوَّلُ: جُنِيَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَأَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ الْجَانِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُتَرَاهِنَانِ أَوْ كَذَّبَاهُ لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ. وَإِنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ، أَخَذَ الْأَرْشَ وَفَازَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهَنِ التَّوَثُّقُ بِهِ. وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ، أَخَذَ الْأَرْشَ وَكَانَ مَرْهُونًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute