فَرْعٌ
ادُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ، فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ كَالْبَيِّنَةِ، زَاحَمَ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ.
الْقَيْدُ الثَّانِي: كَوْنُهُ مُصَادِفًا لِلْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْحَجْرِ. فَلَوْ تَجَدَّدَ بَعْدَهُ بِاصْطِيَادٍ، أَوِ اتِّهَابٍ، أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ، فَفِي تَعَدِّي الْحَجْرِ إِلَيْهِ وَمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: التَّعَدِّي. وَلَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَفِي تَصَرُّفِهِ، هَذَانِ الْوَجْهَانِ. وَهَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَالتَّعَلُّقُ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الثَّالِثُ، وَهُوَ إِثْبَاتُهُ لِلْجَاهِلِ دُونَ الْعَالِمِ. فَإِنْ لَمْ نُثْبِتْهُ، فَهَلْ يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّهُ حَادِثٌ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ، وَالْمُزَاحَمَةُ بِالدَّيْنِ الْحَادِثِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: مَا لَزِمَ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ. فَإِنْ كَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ، كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، فَفِيهِ هَذَانَ الْوَجْهَانِ، وَإِلَّا، فَلَا مُزَاحَمَةَ بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يَصِيرُ إِلَى انْفِكَاكِ الْحَجْرِ.
الثَّانِي: مَا لَزِمَ بِغَيْرِ رِضَى الْمُسْتَحِقِّ، كَالْجِنَايَةِ وَالْإِتْلَافِ، فَيُزَاحَمُ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ، لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْأَوَّلِينَ، كَمَا لَوْ جَنَى وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا عَبْدٌ مَرْهُونٌ، لَا يُزَاحِمُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنَ.
الثَّالِثُ: مَا يَتَجَدَّدُ بِسَبَبِ مُؤْنَةِ الْمَالُ، كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ، وَالْوَزَّانِ، وَالْحَمَّالِ وَالْمُنَادِي، وَالدَّلَّالِ، وَكَرَّاءِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْمَتَاعُ، فَهَذِهِ الْمُؤَنُ تُقَدَّمَ عَلَى حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ ; لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ. هَذَا إِنْ لَمْ نَجِدْ مُتَبَرِّعًا. فَإِنْ وُجِدَ، أَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سِعَةٌ لَمْ يُصْرَفْ مَالُ الْمُفْلِسِ إِلَيْهَا.
قُلْتُ: لَوْ تَجَدَّدَ دَيْنٌ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَأَقَرَّ بِسَابِقٍ وَقُلْنَا: لَا مُزَاحَمَةَ بِهِمَا، فَهُمَا سَوَاءٌ، وَمَا فَضَلَ، قُسِّمَ بَيْنَهُمَا، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute