للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُوسِرَ. وَأَمَّا الَّذِي لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَجِبُ أَدَاؤُهُ إِذَا طُلِبَ. فَإِذَا امْتَنَعَ، أَمْرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ. فَإِنِ امْتَنَعَ، بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ.

قُلْتُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْأَصْحَابُ: إِذَا امْتَنَعَ، فَالْحَاكِمُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ بَاعَ مَالَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِهِ، وَعَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنِ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، حُجِرَ عَلَى الْأَصَحِّ كَيْلَا يُتْلِفَ مَالَهُ. فَإِنْ أَخْفَى مَالَهُ، حَبَسَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَظْهِرَهُ. فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ. زَادَ فِي تَعْزِيرِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ مَالُهُ ظَاهِرًا، فَهَلْ يَحْبِسُهُ لِامْتِنَاعِهِ؟ قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : فِيهِ وَجْهَانِ. الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ، الْحَبْسُ. فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ تَلِفَ وَصَارَ مُفْلِسًا، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. ثُمَّ إِنْ شَهِدُوا عَلَى التَّلَفِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهِمِ الْخِبْرَةُ مُطْلَقًا. وَإِنْ شَهِدُوا بِإِعْسَارِهِ، قُبِلَتْ بِشَرْطِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: مُعْسِرٌ، عَلَى أَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى تَلَفِ الْمَالِ.

فَرْعٌ

إِذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، أَوْ قَسَّمَ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَبَقِيَ بَعْضُ الدَّيْنِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا آخَرَ، وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ، نُظِرَ، إِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، بِأَنِ اشْتَرَى، أَوِ اقْتَرَضَ، أَوْ بَاعَ سَلَمًا، فَهُوَ كَمَا لَوِ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. وَإِنْ لَزِمَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَالثَّانِي: يَحْتَاجُ إِلَى الْبَيِّنَةِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَالصَّدَاقِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُقْبَلْ، وَاحْتَاجَ إِلَى الْبَيِّنَةِ، إِنْ لَزِمَهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفِ، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>