للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِعْسَارِ مَسْمُوعَةٌ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِلْحَاجَةِ، كَشَهَادَةِ أَنْ لَا وَارِثَ غَيْرَهُ، وَتُسْمَعُ وَإِنْ أَقَامَهَا فِي الْحَالِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الشُّهُودِ مَعَ شُرُوطِ الشُّهُودِ، الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ كَطُولِ الْجِوَارِ أَوِ الْمُخَالَطَةِ. فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِمْ: إِنَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَيَكْفِي شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: يُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا شَاذٌّ. وَفِيهِ حَدِيثٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ وَالِاحْتِيَاطِ. وَأَمَّا صِيغَةُ شَهَادَتِهِمْ، فَأَنْ يَقُولُوا: هُوَ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إِلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ.

وَلَوْ أَضَافُوا إِلَيْهِ: وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : وَلَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، حَتَّى لَا تَتَمَحَّضَ شَهَادَتُهُمْ نَفْيًا، لَفْظًا وَمَعْنًى، وَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ. وَهَلْ هَذَا التَّحْلِيفُ وَاجِبٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ قَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْوُجُوبُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، هَلْ يُتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْخَصْمِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَوِ ادُّعِيَ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ. فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا سَكَتَ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: لَسْتُ أَطْلُبُ يَمِينَهُ، وَرَضِيْتُ بِإِطْلَاقِهِ، فَلَا يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ.

فَرْعٌ

حَيْثُ قَبِلْنَا قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَيُقْبَلُ فِي الْحَالِ كَالْبَيِّنَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَأَنَّى الْقَاضِي وَيَسْأَلَ عَنْ بَاطِنِ حَالِهِ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَادَّعَى أَنَّ الْغُرَمَاءَ يَعَرِفُونَ إِعْسَارَهُ، فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ نَكَلُوا، حَلَفَ وَثَبَتَ إِعْسَارُهُ. وَإِنْ حَلَفُوا، حُبِسَ. وَمَهْمَا ادَّعَى ثَانِيًا وَثَالِثًا أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>