فَإِذَا حَلَفَ الْمُفْلِسُ، حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِسَبْقِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّأْبِيرِ، لَا عَلَى نَفْيِ السَّبْقِ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يَعْلَمُ تَارِيخَ الرُّجُوعِ، سُلِّمَتِ الثَّمَرَةُ لِلْمُفْلِسِ بِلَا يَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ، قَالَهُ الْإِمَامُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَإِنْ حَلَفَ، بَقِيَتِ الثِّمَارُ لَهُ وَإِنْ نَكَلَ، فَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فِيمَا إِذَا ادَّعَى الْمُفْلِسُ شَيْئًا وَلَمْ يَحْلِفْ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْلِفُونَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، أَوْ يَحْلِفُونَ، فَنَكَلُوا، عُرِضَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ نَكَلَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُفْلِسُ. وَإِنْ حَلَفَ، فَإِنْ جَعَلْنَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ بَعْدَ النُّكُولِ كَالْبَيِّنَةِ، فَالثَّمَرَةُ لَهُ. وَإِنْ جَعَلْنَاهَا كَالْإِقْرَارِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَبُولِ إِقْرَارِ الْمُفْلِسِ فِي مُزَاحَمَةِ الْمُقِرِّ لَهُ الْغُرَمَاءُ. فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، صُرِفَتِ الثِّمَارُ إِلَى الْغُرَمَاءِ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، أَخَذَهُ الْبَائِعُ بِحَلِفِهِ السَّابِقِ. هَذَا إِذَا كَذَّبَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ، كَمَا كَذَّبَهُ الْمُفْلِسُ. فَإِنْ صَدَّقُوهُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ عَلَى الْمُفْلِسِ، بَلْ إِذَا حَلَفَ، بَقِيَتِ الثِّمَارُ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ طَلَبُ قِسْمَتِهَا، لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا، لِلْحَجْرِ، وَاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ، لَكِنْ لَهُ إِجْبَارُهُمْ عَلَى أَخْذِهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ، أَوْ إِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُكَاتَبُ بِالنَّجْمِ، فَقَالَ السَّيِّدُ: غَصَبْتَهُ، فَيُقَالُ: خُذْهُ، أَوْ أَبْرِئْهُ عَنْهُ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يُجْبَرُونَ، بِخِلَافِ الْمَكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ الْعَوْدَ إِلَى الرِّقِّ إِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُفْلِسِ كَبِيرُ ضَرَرٍ. وَإِذَا أُجْبِرُوا عَلَى أَخْذِهَا، فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مِنْهُمْ لِإِقْرَارِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يُجْبَرُوا وَقُسِّمَتْ أَمْوَالُهُ، فَلَهُ طَلَبُ فَكِّ الْحَجْرِ إِذَا قُلْنَا: لَا يَرْتَفِعُ بِنَفْسِهِ. وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حُقُوقِهِمْ، فَبِيعَتْ وَصُرِفَ ثَمَنُهَا إِلَيْهِمْ تَفْرِيعًا عَلَى الْإِجْبَارِ، لَمْ يَتَمَكَّنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute