وَلَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ، ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَالَحَا عَنْهُ عَلَى شَيْءٍ، لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ شَرَطَا الْقَطْعَ، كَمَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ مَشَاعًا لَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ شَرَطَ أَمْ لَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنِ الْإِنْكَارِ، فَيَنْظُرُ، إِنْ جَرَى عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى، فَهُوَ بَاطِلٌ. وَصُورَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ، أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَارًا مَثَلًا، فَيُنْكِرُ، ثُمَّ يَتَصَالَحَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ، وَلَا يَكُونُ طَلَبُ الصُّلْحِ مِنْهُ إِقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ، هَذَا إِذَا قَالَ: صَالِحْنِي مُطْلَقًا، أَوْ صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاكَ. بَلِ الصُّلْحُ عَنِ الدَّعْوَى لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِقْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ. وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ: صَالِحْنِي عَنِ الدَّارِ الَّتِي ادَّعَيْتُهَا، فَهَلْ يَكُونُ إِقْرَارًا، كَمَا لَوْ قَالَ: مَلِّكْنِي، أَمْ لَا، لِاحْتِمَالِ قَطْعِ الْخُصُومَةِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. فَعَلَى هَذَا، يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الِالْتِمَاسِ صُلْحَ إِنْكَارٍ. وَلَوْ قَالَ: بِعْنِيهَا، أَوْ هَبْهَا لِي، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِقْرَارٌ. لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْتِمَاسِ التَّمْلِيكِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ كَقَوْلِهِ: صَالِحْنِي. وَمِثْلُهُ: لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي جَارِيَةٍ، فَقَالَ: زَوِّجْنِيهَا. وَلَوْ قَالَ: أَعِرْنِي أَوْ أَجِرْنِي فَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَكُونَ إِقْرَارًا. وَلَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي دَيْنٍ، فَقَالَ: أَبْرِئْنِي، فَهُوَ إِقْرَارٌ. وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ، وَقُلْنَا: لَا يَفْتَقِرُ الْإِبْرَاءُ إِلَى الْقَبُولِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَصْدِيقِ الْغَرِيمِ، بِخِلَافِ الصُّلْحِ. وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ التَّحْلِيفِ صَحَّ، وَلَوْ تَصَالَحَا بَعْدَ التَّحْلِيفِ لَمْ يَصِحَّ.
فَرْعٌ
لَوْ جَرَى الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَهُوَ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ فِي الْعَيْنِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَفَّالُ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute