للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

حَيْثُ مَنَعْنَا فَتْحَ الْبَابِ إِلَى السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّةِ، فَصَالَحَهُ أَهْلُ السِّكَّةِ بِمَالٍ جَازَ، بِخِلَافِ الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ بَذْلُ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ الْهَوَاءِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : ثُمَّ إِنْ قَدَّرُوا مُدَّةً، فَهُوَ إِجَارَةٌ. وَإِنْ أَطْلَقُوا، أَوْ شَرَطُوا التَّأْبِيدَ، فَهُوَ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنَ السِّكَّةِ، وَتَنْزِيلٌ لَهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِهِمْ. كَمَا لَوْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى مَالٍ لِيُجْرِيَ فِي أَرْضِهِ نَهْرًا، كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لِلنَّهْرِ. وَلَوْ صَالَحَهُ بِمَالٍ عَلَى فَتْحِ بَابٍ مِنْ دَارِهِ إِلَى دَارِهِ، صَحَّ، وَيَكُونُ كَالصُّلْحِ عَنْ إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ، وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الدَّارِ وَالسَّطْحِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ لَا تُرَادُ إِلَّا لِلِاسْتِطْرَاقِ، فَإِثْبَاتُ الِاسْتِطْرَاقِ فِيهَا يَكُونُ نَقْلًا لِلْمِلْكِ.

وَأَمَّا الدَّارُ وَالسَّطْحُ، فَلَا يُقْصَدُ بِهِمَا الِاسْتِطْرَاقُ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ كَانَتْ دَارُهُ فِي آخِرِ السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّةِ، فَأَرَادَ نَقْلَ بَابِهَا إِلَى الْوَسَطِ، وَيَجْعَلُ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَأَسْفَلِ السِّكَّةِ دِهْلِيزًا، فَإِنْ شَرَّكْنَا الْجَمِيعَ فِي جَمِيعِ السِّكَّةِ، كَانَ لِلْبَاقِينَ مَنْعُهُ، وَإِلَّا فَلَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: فَتْحُ الْمَنَافِذِ وَالْكُوَّاتِ لِلِاسْتِضَاءَةِ، وَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ، لِمُصَادَفَتِهِ الْمِلْكَ، بَلْ لَهُ إِزَالَةُ رَفْعِ الْجِدَارِ، وَجَعْلِ شُبَّاكٍ مَكَانَهُ.

فَرْعٌ

قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ فَتَحَ مَنْ لَا بَابَ لَهُ فِي السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّةِ بَابًا بِرِضَى أَهْلِهَا، كَانَ لِأَهْلِهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءُوا، وَلَا يَلْزَمُهُمْ بِالرُّجُوعِ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَارَ الْأَرْضَ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ ثُمَّ رَجَعَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْلَعُهُ مَجَّانًا. وَهَذَا لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وَالْقِيَاسُ: أَنْ لَا فَرْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>