للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِذَا كَانَ بَيْنَ دَارَيْهِ طَرِيقٌ نَافِذٌ، فَحَفَرَ تَحْتَهُ سِرْدَابًا مِنْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، وَأَحْكَمَهُ بِالْأَزَجِ لَمْ يُمْنَعْ. قَالَ: وَبِمِثْلِهَا أَجَابَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ نَافِذًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ دُخُولُ هَذَا الزُّقَاقِ، كَاسْتِطْرَاقِ الدَّرْبِ النَّافِذِ. قَالَ: وَغَلِطَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِكَوْنِهَا فِي مَعْنَى الشَّارِعِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ جَوَازِ دُخُولِهَا بِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ - فِيمَا كَانَ الطَّرِيقُ نَافِذًا - صَحِيحٌ. وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ.

وَأَمَّا تَجْوِيزُهُ ذَلِكَ - فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّرِيقُ نَافِذًا - وَنَقْلُهُ ذَلِكَ عَنِ الْأَصْحَابِ، فَضَعِيفٌ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ، وَلَعَلَّهُ وَجَدَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ كِتَابَيْنِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرًا. وَكَيْفَ كَانَ، فَهَذَا الْحُكْمُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الْأَصْحَابَ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الطَّرِيقَ فِي السِّكَّةِ الْمَسْدُودَةِ مِلْكٌ لِأَصْحَابِ السِّكَّةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا سَدَّهَا وَجَعْلَهَا مَسَاكِنَ، جَازَ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مِلْكُهُمْ، فَالْقَرَارُ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ كَمَا يَتْبَعُهَا الْهَوَاءُ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْجَنَاحِ فَوْقَ أَرْضِهِمْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، كَذَا السِّرْدَابُ تَحْتَهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْفَصْلُ الثَّانِي

فِي الْجِدَارِ

الْجِدَارُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ قِسْمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>