فِيهِ كُوَّةً، أَوْ يُتَرِّبَ الْكِتَابَ بِتُرَابِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ، كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ، لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ الِانْتِفَاعِ، ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ، فَفِي إِجْبَارِ شَرِيكِهِ، الْقَوْلَانِ، كَالْجَارِ وَأَوْلَى.
وَالثَّانِي: مَا لَا تَقَعُ فِيهِ الْمُضَايَقَةُ مِنَ الِانْتِفَاعَاتِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ، كَالِاسْتِنَادِ وَإِسْنَادِ الْمَتَاعِ إِلَيْهِ، وَيَجُوزُ فِي الْجِدَارِ الْخَالِصِ لِلْجَارِ مِثْلُهُ، وَهُوَ كَالِاسْتِضَاءَةِ بِسِرَاجِ الْغَيْرِ، وَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ. وَلَوْ مَنَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنَ الِاسْتِنَادِ، فَهَلْ يَمْتَنِعُ؟ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَمْتَنِعُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي، مَا إِذَا بَنَى فِي مِلْكِهِ جِدَارًا مُتَّصِلًا بِالْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ، بِحَيْثُ لَا يَقَعُ ثِقَلُهُ عَلَيْهِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: قِسْمَتُهُ، إِمَّا فِي كُلِّ الطُّولِ وَنِصْفِ الْعَرْضِ، وَإِمَّا فِي نِصْفِ الطُّولِ وَكُلِّ الْعَرْضِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ: ارْتِفَاعُهُ عَنِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ ذَلِكَ سُمْكٌ، وَإِنَّمَا طُولُ الْجِدَارِ: امْتِدَادُهُ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ إِلَى زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى مَثَلًا، وَالْعَرْضُ: هُوَ الْبُعْدُ الثَّالِثُ، فَإِذَا كَانَ طُولُهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعًا، فَقِسْمَتُهُ فِي كُلِّ الطُّولِ وَنِصْفِ الْعَرْضِ: أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ ذِرَاعٍ مِنَ الْعَرْضِ فِي طُولِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ. وَقِسْمَتُهُ بِالْعَكْسِ: أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ طُولًا فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ، أَوْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ. لَكِنْ كَيْفَ يُقَسَّمُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُعَلَّمُ بِعَلَامَةٍ وَخَطٍّ يُرْسَمُ. وَالثَّانِي: يُشَقُّ وَيُنْشَرُ بِالْمِنْشَارِ. وَيَنْطَبِقُ عَلَى هَذَا الثَّانِي مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ: أَنَّهُمَا لَوْ طَلَبَا مِنَ الْحَاكِمِ الْقِسْمَةَ بِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، لَمْ يُجِبْهُمَا، لَأَنَّ شَقَّ الْجِدَارِ فِي الطُّولِ إِتْلَافٌ لَهُ، وَتَضْيِيعٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute