لِتَوَافُقَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوِ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدِهِ، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِجَمِيعِهَا، فَإِنْ وُجِدَ مِنَ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الدَّعْوَى مَا يَتَضَمَّنُ إِقْرَارًا لِصَاحِبِهِ، بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنَنَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، شَارَكَهُ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى النِّصْفِ، نُظِرَ، إِنْ قَالَ بَعْدَ إِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكُلِّ: الْجَمِيعُ لِي، سُلِّمَ الْجَمِيعُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ ادِّعَائِهِ النِّصْفَ أَنْ لَا يَكُونَ الْبَاقِي لَهُ، وَلَعَلَّهُ ادَّعَى النِّصْفَ، لِكَوْنِ الْبَيِّنَةِ مَا تُسَاعِدُهُ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ يَخَافُ الْجُحُودَ الْكُلِّيَّ. وَإِنْ قَالَ: النِّصْفُ الْآخَرُ لِصَاحِبِي، سُلِّمَ لِصَاحِبِهِ. وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِرَفِيقِهِ، فَهَلْ يُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَمْ يَحْفَظُهُ الْقَاضِي، أَمْ يُسَلَّمُ إِلَى رَفِيقِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: أَوَّلُهَا.
الثَّالِثَةُ: تَدَاعَيَا جِدَارًا حَائِلًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، فَلَهُ حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَائِهِ، فَيُرَجَّحُ جَانِبُهُ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ الْجِدَارِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فِي جِدَارِهِ الْخَاصِّ، وَنِصْفُ جِدَارِهِ الْخَاصِّ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الزَّوَايَا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ أَزَجٌ لَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بِتَمَامِهِ، بِأَنْ أُمِيلَ مِنْ مَبْدَأِ ارْتِفَاعِهِ عَنِ الْأَرْضِ قَلِيلًا. وَإِذَا تَرَجَّحَ جَانِبُهُ، حَلَفَ وَحُكِمَ لَهُ بِالْجِدَارِ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى خِلَافِهِ. وَلَا يَحْصُلُ الرُّجْحَانُ بِوُجُودِ التَّرْصِيفِ الْمَذْكُورِ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ مِنْ طَرَفِ الْجِدَارِ، لِإِمْكَانِ إِحْدَاثِهِ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بِنَزْعِ لَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِدْرَاجِ أُخْرَى. وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي مِلْكِ الْآخَرِ، فَالْخَشَبَةُ لِمَنْ طَرَفُهَا فِي مِلْكِهِ، وَالْجِدَارُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا تَحْتَ يَدِهِ ظَاهِرًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَخْلُو مِنَ احْتِمَالٍ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُمَا، فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً، قُضِيَ لَهُ، وَإِلَّا فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ. فَإِذَا حَلَفَا، أَوْ نَكَلَا، جُعِلَ الْجِدَارُ بَيْنَهُمَا بِظَاهِرِ الْيَدِ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute