للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُضِيَ لِلْحَالِفِ بِالْجَمِيعِ. وَهَلْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ، أَمْ عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ ادَّعَاهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَا أَنْظُرُ إِلَى مَنْ إِلَيْهِ الدَّوَاخِلُ وَالْخَوَارِجُ، وَلَا أَنْصَافُ اللَّبِنِ، وَلَا مَعَاقِدُ الْقُمَطِ، مَعْنَاهُ: لَا أُرَجِّحُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ لِكَلَامِهِ: الْمُرَادُ بِالْخَوَارِجِ: الصُّوَرُ، وَالْكِتَابَةُ الْمُتَّخَذَةُ فِي ظَاهِرِ الْجِدَارِ. وَبِالدَّوَاخِلِ: الطَّاقَاتُ، وَالْمَحَارِيبُ فِي بَاطِنِ الْجِدَارِ. وَبِأَنْصَافِ اللَّبِنِ: أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ مِنْ لَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ، فَتُجْعَلُ الْأَطْرَافُ الصِّحَاحُ إِلَى جَانِبٍ، وَمَوَاضِعُ الْكَسْرِ إِلَى جَانِبٍ. وَمَعَاقِدُ الْقُمَطِ، تَكُونُ فِي الْجِدَارِ الْمُتَّخَذِ مِنْ قَصَبٍ أَوْ حَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا. وَأَغْلَبُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ، فِي السَّتْرِ بَيْنَ السُّطُوحِ، فَيُشَدُّ بِحِبَالٍ، أَوْ خُيُوطٍ. وَرُبَّمَا جُعِلَ عَلَيْهَا خَشَبَةٌ مُعْتَرِضَةٌ، فَيَكُونُ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبٍ، وَالْوَجْهُ الْمُسْتَوِي مِنْ جَانِبٍ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، لَمْ يُرَجَّحْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ تَنَازَعَا دَارًا فِي يَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا مَتَاعٌ، فَإِذَا حَلَفَا، بَقِيَتِ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا، لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ.

الرَّابِعَةُ: السَّقْفُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ سُفْلِ أَحَدِهِمَا وَعُلُوٍّ الْآخَرِ، كَالْجِدَارِ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، فَإِذَا تَدَاعَيَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْعُلُوِّ كَالْأَزَجِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلُوِّ، جُعِلَ فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْلِ، لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّرْصِيفِ. وَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا، فَيُثْقَبُ وَسَطُ الْجِدَارِ، وَتُوضَعُ رُءُوسُ الْجُذُوعِ فِي الثُّقْبِ، فَيَصِيرُ الْبَيْتُ بَيْتَيْنِ، فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ.

الْخَامِسَةُ: عُلُوُّ الْخَانِ أَوِ الدَّارِ لِأَحَدِهِمَا، وَالسُّفْلُ لِلْآخَرِ، وَتَنَازَعَا فِي الْعَرْصَةِ أَوِ الدِّهْلِيزِ. فَإِنْ كَانَ الْمَرْقَى فِي الصَّدْرِ، جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَدًا، وَتَصَرُّفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>