وَلَهُ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ فَقَطْ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمَا. وَالثَّالِثُ: لَا. وَرَابِعٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَطْ، وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ.
قُلْتُ: وَإِذَا شَرَطْنَا قَبُولَ الْمَضْمُونِ لَهُ، فَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَنِ الضَّمَانِ قَبْلَ قَبُولِهِ، قَالَهُ فِي «الْحَاوِي» لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الضَّمَانُ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الضَّامِنُ. وَشَرْطُهُ: صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. أَمَّا صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الصَّغِيرُ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمُبَرْسَمُ الَّذِي يَهْذِي، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُمْ. وَلَوْ ضَمِنَ إِنْسَانٌ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا يَوْمَ الضَّمَانِ، وَكَانَ مُحْتَمَلًا، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُنْتُ مَجْنُونًا وَقَدْ عُرِفَ لَهُ جُنُونٌ سَابِقٌ، أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَضْمُونِ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَفِي ضَمَانِ السَّكْرَانِ، الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ.
قُلْتُ: هَذَا فِي السَّكْرَانِ بِمَعْصِيَةٍ. فَأَمَّا السَّكْرَانُ بِمُبَاحٍ، فَكَالْمَجْنُونِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْأَخْرَسُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، وَلَا كِتَابَةٌ، لَمْ نَعْرِفْ أَنَّهُ ضَمِنَ حَتَّى نُصَحِّحَ أَوْ نُبْطِلَ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، صَحَّ ضَمَانُهُ بِهَا كَبَيْعِهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ، إِذْ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. وَلَوْ ضَمِنَ بِالْكِتَابَةِ، فَوَجْهَانِ، سَوَاءٌ أَحْسَنَ الْإِشَارَةَ، أَمْ لَا. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الْمُشْعِرَةِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي النَّاطِقِ وَفِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. وَأَمَّا أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَتَبَرُّعُهُ لَا يَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ. كَذَا قَالَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَّالِيُّ: إِنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ. وَأَمَّا حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ، فَهُوَ قَرْضٌ مَحْضٌ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute