اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، حُسِبَ مِنْ ثُلُثِهِ. وَإِنَ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ، فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ، وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا فَلَا يَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ كَالْبَيْعِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. فَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ، فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَيْعِ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ، هُوَ الصَّوَابُ. وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ. وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إِنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا، فَاسِدٌ، فَإِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ، كَانَ الْقَرْضُ تَبَرُّعًا. وَقَوْلُهُ: إِذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ، كَانَ كَالْبَيْعِ، يَعْنِي فَيَجْرِي فِيهِ الْوَجْهَانِ، فَاسِدٌ أَيْضًا، فَإِنَّ الْبَيْعَ، إِنَّمَا صَحَّ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْذَنُ إِلَّا فِيمَا فِيهِ رِبْحٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ، وَالضَّمَانُ غَرَرٌ كُلُّهُ بِلَا مَصْلَحَةٍ. وَأَمَّا ضَمَانُ الْمَرِيضِ، فَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : هُوَ مُعْتَبَرٌ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ. وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مِنَ الثُّلُثِ، صَحَّ فِيهِ. فَلَوْ ضَمِنَ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرَقٍ، قُدِّمَ الدَّيْنُ وَلَا يُؤَثِّرُ تَأَخُّرُ الْإِقْرَارِ بِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، فَضَمَانُهُ كَشِرَائِهِ.
فَرْعٌ
ضَمَانُ الْمَرْأَةِ صَحِيحٌ، مُزَوَّجَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِ الزَّوْجِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا.
فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: صَحِيحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute