سَوَاءٌ طَلَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ أَمْ أَبَاهُ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَائِلٌ كَيَدِ سُلْطَانٍ، وَمُتَغَلِّبٍ، وَحَبْسٌ بِغَيْرِ حَقٍّ يُنْتَفَعُ بِتَسْلِيمِهِ. وَحَبْسُ الْحَاكِمِ بِالْحَقِّ، لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ، لِإِمْكَانِ إِحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِالْحَقِّ. وَلَوْ حَضَرَ الْمَكْفُولُ بِهِ وَقَالَ: سَلَّمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ، بَرِئَ الْكَفِيلُ كَمَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ. وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ، لَمْ يَبْرَأِ الْكَفِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إِلَيْهِ هُوَ، وَلَا أَحَدٌ عَنْ جِهَتِهِ، حَتَّى قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ، لَمْ يَبْرَأِ الْكَفِيلُ. وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ، لَا عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ. وَإِنْ سَلَّمَهُ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ الْكَفِيلُ. وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ قَبُولُهُ، لَكِنْ لَوْ قَبِلَ: بَرِئَ الْكَفِيلُ. وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ، فَسَلَّمَ إِلَى أَحَدِهِمَا، لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ. وَلَوْ كَفَلَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ، فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : إِنْ كَفَلَاهُ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَقَعَ تَسْلِيمُهُ عَنِ الْمُسَلَّمِ دُونَ صَاحِبِهِ، سَوَاءٌ قَالَ: سَلَّمْتُ عَنْ صَاحِبِي أَمْ لَمْ يَقُلْ. وَإِنْ كَفَلَاهُ مَعًا، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْمُزَنِيُّ: يَبْرَأُ أَيْضًا صَاحِبُهُ، كَمَا لَوْ دَفَعَ أَحَدُ الضَّامِنَيْنِ الدَّيْنَ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْأَكْثَرُونَ: لَا يَبْرَأُ، كَمَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنَانِ، فَانْفَكَّ أَحَدُهُمَا، لَا يَنْفَكُّ الْآخَرُ، وَيُخَالِفُ قَضَاءَ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَبْرَئُ الْأَصِيلُ، وَإِذَا بَرِئَ، بَرِئَ كُلُّ ضَامِنٍ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَفِيلَيْنِ بَدَنَ صَاحِبِهِ، ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا الْمَكْفُولَ بِهِ وَسَلَّمَهُ، فَعَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيِّ: يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنِ الْكَفَالَةِ الْأُولَى وَعَنْ كَفَالَةِ صَاحِبِهِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ: يَبْرَأُ الْمُسَلِّمُ عَنِ الْكَفَالَتَيْنِ، وَيَبْرَأُ صَاحِبُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ دُونَ الْكَفَالَةِ الْأُولَى.
الثَّالِثَةُ: كَمَا يَخْرُجُ الْكَفِيلُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِالتَّسْلِيمِ، يَبْرَأُ أَيْضًا إِذَا أَبْرَأَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ. وَلَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ، فَوَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute