أَحَدُهُمَا: يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ. فَإِنْ فَسَّرَ بِنَفْيِ الدَّيْنِ، فَذَاكَ. وَإِنْ فَسَّرَ بِنَفْيِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهِمَا، قَبْلَ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَذَّبَاهُ، حَلَفَ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ، نُظِرَ، إِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ لَا يَعْرِفَ مَوْضِعَهُ وَيَنْقَطِعَ خَبَرُهُ، فَلَا يُكَلَّفُ الْكَفِيلُ إِحْضَارُهُ. وَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ، فَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لَزِمَهُ إِحْضَارُهُ لَكِنْ يُمْهِلُ مُدَّةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ لِيَحْضُرَهُ. فَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَحْضُرْهُ، حُبِسَ. وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ إِحْضَارُهُ. وَالثَّانِي: لَا يُطَالَبُ بِهِ. وَلَوْ كَانَ غَائِبًا حَالَ الْكَفَالَةِ، فَالْحُكْمُ فِي إِحْضَارِهِ كَمَا لَوْ غَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ.
الْخَامِسَةُ: إِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، فَفِي انْقِطَاعِ طَلَبِ الْإِحْضَارِ عَنِ الْكَفِيلِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْقَطِعُ، بَلْ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ مَا لَمْ يُدْفَنْ إِذَا أَرَادَ الْمَكْفُولُ لَهُ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صُورَتِهِ، كَمَا لَوْ تَكَفَّلَ ابْتِدَاءً بِبَدَنِ الْمَيِّتِ. وَالثَّانِي: يَنْقَطِعُ. وَهَلْ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِمَالٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ. كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَانْقَطَعَ، فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ. وَالثَّانِي: يُطَالَبُ، بِهِ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ كَالرَّهْنِ. وَعَلَى هَذَا، هَلْ يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ، أَمْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الدَّيْنِ وَدِيَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فِي أَنَّ السَّيِّدَ يَفْدِي الْجَانِي بِالْأَرْشِ، أَمْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ؟
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ، الْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الدِّيَةَ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ، بِخِلَافِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، بَطَلَتِ الْكَفَالَةُ وَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ قَدْ تُفْضِي إِلَى مَالٍ بِتَعَلُّقٍ بِالتَّرِكَةِ، لَكِنْ لَمْ أَرَ لَهُ فِيهِ نَصًّا. وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ، بَقِيَ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ وَوَرَثَةٌ، وَأَوْصَى إِلَى زَيْدٍ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِهِ، لَمْ يَبْرَأِ الْكَفِيلُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ وَالْوَصِيِّ. فَلَوْ سَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute