فَرْعٌ
ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا، فَمَاتَ الْأَصِيلُ، حَلَّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَمْ يَحِلَّ عَلَى الضَّامِنِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ، فَعَلَى الصَّحِيحِ، لَوْ أَخَّرَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ، كَانَ لِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَخْذِ حَقِّهِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ، أَوْ إِبْرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلَكُ التَّرِكَةُ، فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إِذَا غُرِّمَ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْمُطَالَبَةُ. وَلَوْ مَاتَ الضَّامِنُ، حَلَّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالَ مِنْ تَرِكَتِهِ، لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الضَّامِنِ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: فِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ عَنْهُ بِالْأَدَاءِ، وَمَدَارُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ خَرَّجَهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي أَنَّ مُجَرَّدَ الضَّمَانِ يُوجِبُ حَقًّا لِلضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ وَيُثْبِتُ عَلَقَةً بَيْنَهُمَا، أَمْ لَا؟ فَإِذَا طَالَبَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنَ بِالْمَالِ، فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِتَخْلِيصِهِ إِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَيْسَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَهَلْ لِلضَّامِنِ تَغْرِيمُ الْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُغَرَّمَ حَيْثُ يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ؟ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى التَّخْرِيجِ الْمَذْكُورِ. وَلْيَكُنِ الْوَجْهَانِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ عِوَضًا عَمَّا يَقْضِي بِهِ دَيْنُ الْأَصِيلِ، يَمْلِكُهُ. وَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى التَّخْرِيجِ. وَلَوْ دَفَعَهُ الْأَصِيلُ ابْتِدَاءً بِلَا مُطَالَبَةٍ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ، فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، كَالْفَقِيرِ إِذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ، لَكِنْ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَيْهِ رَدُّهُ. وَلَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ، ضَمِنَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ. وَلَوْ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْتَ عَنِّي، فَهُوَ وَكِيلُ الْأَصِيلِ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. وَلَوْ حَبَسَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنَ، فَهَلْ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى التَّخْرِيجِ. إِنْ أَثْبَتْنَا الْعَلَقَةَ بَيْنَهُمَا. فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ عَمَّا سَيُغَرَّمُ، إِنْ أَثْبَتْنَا الْعَلَقَةَ، صَحَّ الْإِبْرَاءُ، وَإِلَّا، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الْإِبْرَاءِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَوُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ. وَلَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute