الْعَشَرَةِ الَّتِي سَيَغْرَمُهَا عَلَى خَمْسَةٍ، إِنْ أَثْبَتْنَاهَا فِي الْحَالِ، صَحَّ الصُّلْحُ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ بَعْضِ الْحَقِّ وَأَبْرَأَ عَنِ الْبَاقِي، وَإِلَّا، فَلَا يَصِحُّ. وَلَوْ ضَمِنَ عَنِ الْأَصِيلِ ضَامِنٌ لِلضَّامِنِ، فَفِي صِحَّتِهِ، الْوَجْهَانِ. وَكَذَا لَوْ رَهَنَ الْأَصِيلُ عِنْدَ الضَّامِنِ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَ. وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ: الْمَنْعُ. وَلَوْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ الضَّمَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَصِيلُ ضَامِنًا بِمَا ضَمِنَ، فَفِي صِحَّةِ الشَّرْطِ الْوَجْهَانِ. فَإِنْ صَحَّحْنَا فَوَفَّى، وَإِلَّا فَلِلضَّامِنِ فَسْخُ الضَّمَانِ. وَإِنْ أَفْسَدْنَاهُ، فَسَدَ بِهِ الضَّمَانُ عَلَى الْأَصَحِّ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: الرُّجُوعُ. أَمَّا غَيْرُ الضَّامِنِ إِذَا أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. وَإِنْ أَدَّى بِإِذْنِهِ، رَجَعَ إِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ قَطْعًا. وَكَذَا إِنْ أُطْلِقَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: إِنْ كَانَ حَالُهُمَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ، رَجَعَ، وَإِلَّا، فَلَا، كَنَظِيرِهِ مِنَ الْهِبَةِ. وَأَمَّا الضَّامِنُ، فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ.
الْأَوَّلُ: يَضْمَنُ بِإِذْنٍ وَيُؤَدِّي بِإِذْنٍ، فَيَرْجِعُ سَوَاءٌ شَرَطَ الرُّجُوعَ أَمْ لَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ بِلَا ضَمَانٍ، حَتَّى يُقَالَ: إِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ رَجَعَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ. وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» رَمْزٌ إِلَيْهِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَضْمَنَ وَيُؤَدِّيَ بِلَا إِذْنٍ، فَلَا رُجُوعَ.
الثَّالِثُ: يَضْمَنُ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَيُؤَدِّي بِالْإِذْنِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْأَصَحِّ. فَلَوْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ. وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ، وَالْمُسْتَحَقُّ بِلَا عِوَضٍ لَا يَجُوزُ مُقَابَلَتُهُ بِعِوَضٍ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ.
قُلْتُ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الرَّابِعُ: يَضْمَنُ بِالْإِذْنِ، وَيُؤَدِّي بِلَا إِذْنٍ، فَأَوْجُهٌ. الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: يَرْجِعُ. وَالثَّانِي: لَا. وَالثَّالِثُ: إِنْ أَدَّى مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أَوْ بِمُطَالَبَةٍ، وَلَكِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِئْذَانُ الْأَصِيلِ، لَمْ يَرْجِعْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute