اسْتِقْصَاءُ أَوْصَافِ السَّلَمِ، وَلَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ. فَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُ نَوْعٍ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا بُدَّ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلصِّنْفِ. وَأَمَّا الثَّمَنُ، فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهِ أَوْ غَايَتِهِ، بِأَنْ يَقُولَ: مِنْ مِائَةٍ إِلَى أَلْفٍ. وَحَكَى صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَجْهًا: أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ مُطْلَقًا، وَهَذَا لِوَجْهٍ، ضَعِيفٍ جِدًّا. وَإِذَا طَرَدَ فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ شَيْئًا، كَانَ أَبْعَدَ.
قُلْتُ: ذَكَرَ فِي «الْبَسِيطِ» تَرَدُّدًا فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ شَيْئًا تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا كَمَا تَشَاءُ، فَقِيلَ: يَصِحُّ، كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْقِرَاضِ: اشْتَرِ مَنْ شِئْتَ مِنَ الْعَبِيدِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ: لَا يَصِحُّ. وَالْفَرْقُ، أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ الرِّبْحُ، وَالْعَامِلُ أَعْرَفُ بِهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ دَارٍ، يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَحَلَّةِ وَالسِّكَّةِ. وَفِي الْحَانُوتِ يُذْكَرُ السُّوقُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
قُلْتُ: وَفِي ذِكْرِ الثَّمَنِ، الْوَجْهَانِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثَةُ: التَّوْكِيلُ فِي الْإِبْرَاءِ، يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ إِذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنِ الْمَجْهُولِ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ (الضَّمَانِ) . وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي وَالْغَزَّالِيُّ. وَفِي «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» : اشْتِرَاطُ عِلْمِهِ بِجِنْسِهِ وَقَدْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: (بِعْ) بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعَ عِلْمُ الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبْرَاءِ عِلْمُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ. فَإِنْ قُلْنَا: تَمْلِيكٌ، اشْتُرِطَ عِلْمُهُ كَالْمُتَّهِبِ، وَإِلَّا، فَلَا. ثُمَّ إِنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ: أَبْرِئْ فَلَانًا عَنْ دَيْنِي، أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِ. وَإِنْ قَالَ: عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، أَبْرَأَهُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ. وَإِنْ قَالَ: عَمَّا شِئْتَ، أَبْرَأَهُ عَمَّا شَاءَ، وَأَبْقَى شَيْئًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute