قُلْتُ: قَوْلُهُ: أَبْرِئْهُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ، يَعْنِي أَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي «التَّتِمَّةِ» ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَلَوْ قَالَ: أَبْرِئْهُ عَنْ جَمِيعِهِ، فَأَبْرَأَ عَنْ بَعْضِهِ، جَازَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الرَّابِعَةُ: قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي مُخَاصَمَةِ خَصْمَايَ، وَأَطْلَقَ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَصَارَ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ الْخُصُومَاتِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَنْ يُخَاصِمُهُ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُوَكَّلُ. تُشْتَرَطُ فِيهِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالنَّائِمُ، وَالْمَرْأَةُ فِي التَّزْوِيجِ، وَالْفَاسِقُ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ إِذَا لَمْ نَجْعَلْهُ وَلِيًّا. وَأَمَّا السَّكْرَانُ، فَتَوْكِيلُهُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ تَوْكِيلُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فِي التَّزْوِيجِ وَالْمَالِ. وَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا لَا يُجْبَرُ، فَفِي تَوْكِيلِهِمْ فِي التَّزْوِيجِ وَجْهَانِ يُذْكَرَانِ فِي النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ إِلَّا إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ، أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي مَعْنَاهُ، تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ. وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ رِقٍّ، فَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ الْوَلِيِّ، وَالْمَوْلَى، وَالْغَرِيمِ. وَمَنْ جَوَّزَ التَّوْكِيلَ فِي بَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ، فَقِيَاسُهُ جَوَازُ تَوْكِيلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِيمَا سَيَأْذَنُ فِيهِ الْوَلِيُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ.
قُلْتُ: (قَدْ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ، بِأَنَّ الْخَلَلَ هُنَاكَ فِي عِبَارَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَيُسْتَثْنَى مِمَّا سَبَقَ، بَيْعُ الْأَعْمَى، وَشِرَاؤُهُ. فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنَ الْأَعْمَى لِلضَّرُورَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute